مشروع قانون تجريم الاستعمار يحظى بترحيب واسع ويسلط الضوء على جرائم الاستعمار السابقة

يخطو المجلس الشعبي الوطني في الجزائر خطوة محورية نحو استصدار قانون يجرم الاستعمار، مبادرة تأتي بعد فشل المحاولات السابقة رغم إصدار برلمان فرنسا قانوناً يمجد استعمار الجزائر. وقد أبدى عدد من النواب إرادتهم القوية لدعم هذا المشروع الذي يعكس توجهاً سياسياً جديداً نحو استعادة الكرامة الوطنية وتعزيز ذاكرة الثورة التحريرية.

دعم برلماني واسع لتجريم الاستعمار

يسعى المجلس الشعبي الوطني لجعل مبادرة تجريم الاستعمار مشروعاً شاملاً من خلال إشراك كل المجموعات البرلمانية وتوحيد الصفوف. وفي تصريح للصحافة، أكد موسى عبدي، وهو نائب سابق ومندوب مقترح تجريم الاستعمار، أن التعاون بين النواب يعدّ خطوة حيوية لتأمين المصادقة على المشروع. وأوضح عبدي أن العمل الجماعي الذي كان غائباً في المحاولات السابقة هو المفتاح الذي يمكن أن يؤدي لنجاح المشروع هذه المرة، مشيراً إلى أن الإرادة السياسية القوية للرئيس عبد المجيد تبون كانت العنصر الحاسم في إحياء هذه القضية الوطنية.

الأبعاد التاريخية والسياسية للمشروع

يمثل هذا القانون تعبيراً عن رفض الجزائريين لكل أشكال الاستعمار الفرنسي. وأبرز النائب محند أرزقي فراد أهمية الخطوة، معتبراً أن الوقت قد حان للرد على القانون الفرنسي لتمجيد الاستعمار (23 فبراير 2005). وأعرب عن أمله في أن يكون هذا المشروع بداية لسلسلة من القرارات التي تستعيد الحقوق التاريخية، مشيراً إلى أن تنفيذ هذا القانون يجب أن يرافقه موقف قوي في المنظمات الدولية لإدانة فرنسا واعترافها بجرائمها الاستعمارية في الجزائر.

دعوات لتعزيز الهوية الوطنية

في سياق متصل، دعا البرلماني يوسف عجيسة إلى اتخاذ خطوات عملية تدعم الهوية الثقافية الجزائرية وتعزز الاستقلال عن التأثيرات الفرنسية، مشيراً إلى ضرورة إحياء قانون اللغة العربية المجمد، واصفاً ذلك بخطوة حاسمة نحو “قطع الحبل السري” مع القوة الاستعمارية السابقة. وأكد البرلمانيون استعدادهم لوضع خبراتهم تحت تصرف المجلس الشعبي لإنجاز مشروع القانون، مما يعكس رغبة ملحة في تصحيح مسار العلاقة مع ماضي الاستعمار.

هذا التوجه يشكل مؤشراً على استعادة الجزائر لزمام المبادرة في معالجة قضاياها التاريخية بثقة وشجاعة سياسية، مساهمةً في تعزيز السيادة الوطنية وتقوية الذاكرة الجماعية.