ارتفاع قياسي في درجات الحرارة بمنطقة البحر المتوسط يرفع خطر الحرائق

مع اشتداد موجة حر شديدة تضرب منطقة البحر المتوسط، تواجه مدن ودول المنطقة تحديات بيئية وصحية غير مسبوقة، حيث تتجاوز درجات الحرارة حاجز الـ 40 درجة مئوية، لتزيد من المخاطر على الإنسان والطبيعة. بينما تُجمع التحذيرات العلمية على أن تغير المناخ، نتيجة الأنشطة البشرية، هو السبب الرئيسي في تصاعد هذه الظواهر الجوية المتطرفة التي تؤثر على مختلف أصقاع الأرض.

موجة حر شديدة تضرب منطقة البحر المتوسط وتجتاح جنوب أوروبا

في جنوب أوروبا، بات سيناريو الحر الشديد يتكرر مع كل صيف، حيث انطلقت التحذيرات في إسبانيا والبرتغال من تجاوز الحرارة مستويات قياسية. البرتغال، على وجه الخصوص، في حالة تأهب قصوى مع توقع درجات تتخطى 42 درجة مئوية في العاصمة لشبونة. ولا يتعلق الخطر بارتفاع الحرارة فقط، بل إنه يشير أيضاً إلى كارثة بيئية ظهرت في شكل حرائق مدمرة تهدد مناطق واسعة، خاصة في الشمال والجنوب، كمنطقة الغارف الساحلية التي تعد وجهة شهيرة للسياح.

أما في إسبانيا، فقد رفعت الطواقم الطبية حالة الاستعداد لاستقبال حالات الإجهاد الحراري وضربات الشمس التي قد تصيب الفئات الأكثر هشاشة، كالمرضى المزمنين والأطفال وكبار السن. باتت النصيحة واضحة وملحة: البقاء في الظل، شرب المياه بكثافة، وتجنب الخروج في ساعات الذروة.

ارتفاع حرارة الأرض والحرائق تهدد منطقة البلقان

لم تُسلم دول البلقان من التأثيرات العنيفة التي أحدثتها موجة حر شديدة تضرب منطقة البحر المتوسط. في البوسنة وكرواتيا وصربيا، أطلقت السلطات تحذيرات صحية عاجلة بسبب درجات الحرارة السامة التي قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، خاصة على الأفراد الذين يعانون من أمراض القلب والرئة. وفي ألبانيا، اشتعلت بالفعل سلسلة من الحرائق في عدة مناطق، وكان رجال الإطفاء يواجهون نيراناً لا تهدأ، ما أدى إلى تدمير عشرات المنازل وخسائر فادحة في الممتلكات.

أما اليونان، والتي اعتادت في السنوات الأخيرة على موجات صيفية قاسية، فهي الآن تتأهب لاستقبال حرارة قد تتجاوز 40 درجة مئوية، لتزيد معها توقعات حدوث حرائق جديدة، خاصة مع الرياح العاتية والجفاف الشديد الذي يعم معظم أراضيها. هذه الظواهر المناخية أصبحت خطراً لا يمكن تجاهله، وتطلبت تحركات فورية لتعزيز التوعية والوقاية.

فرنسا وإيطاليا في مواجهة الحر القاسي

الحرارة المتزايدة لم تسلم منها فرنسا، حيث يعاني الجنوب من وطأة الحرارة المرتفعة، مع توقع وكالة الأرصاد الجوية الفرنسية لاستمرار موجة الحر في الأيام المقبلة. وضع مناطق إضافية في حالة تأهب بات يثير قلق السكان، وخصوصاً مع إشارات إلى أن درجات حرارة سطح البحر الأبيض المتوسط المرتفعة ستكون عاملاً رئيسياً في استمرار هذه الأزمة، مما يُضاعف من صعوبة توفير تبريد طبيعي ليلاً.

إيطاليا أيضاً تواجه تحديات غير مسبوقة. في روما وميلانو والبندقية، طالت توجيهات الحكومة المواطنين لتجنب التعرض لأشعة الشمس بين الساعة 11 صباحاً و6 مساءً. هذا الإجراء جزء من خطة شاملة للحد من الإصابات بالإجهاد الحراري في ظل توقعات الحرارة المرتفعة. المدن الإيطالية باتت، للأسف، على خط المواجهة الأول، حيث توضع 21 مدينة رئيسية في حالة تأهب قصوى.

كيف يمكن مواجهة التغيرات المناخية الحادة؟

في ظل الظروف الصعبة التي يسببها تغير المناخ، بات الحديث عن تعزيز التكيف مع هذه الظواهر ضرورة، وليس خياراً. الدول تحتاج إلى أنظمة إنذار مبكر تساعد السكان على الاستعداد، خاصة الفئات الأكثر هشاشة. ومن بين النصائح التي يمكن اتباعها خلال موجات الحر:

  • الحرص على شرب كميات وافرة من الماء طوال اليوم لتجنب الجفاف
  • تجنب النشاط البدني في أوقات الذروة الحرارية
  • البقاء في أماكن مكيفة أو مظللة قدر المستطاع
  • استخدام كريمات الوقاية من الشمس عند الخروج
  • إغلاق النوافذ والستائر خلال النهار لتخفيف سخونة الأماكن المغلقة
الدولة درجة الحرارة المتوقعة حالة الطوارئ
إسبانيا 40-42 مئوية إجهاد حرارة وحرائق مرتقبة
اليونان أكثر من 40 مئوية حرائق محتملة
فرنسا 39-41 مئوية تأهب صحي شامل

ما يحدث في منطقة البحر المتوسط من تصاعد في درجات الحرارة هو تذكير خطير بضرورة التحرك العاجل لمواجهة التغير المناخي. إن فهم كيفية التأقلم مع هذه الأوضاع يمثل جزءاً من الحل، لكن الحاجة ملحة لإجراءات دولية أكثر جدية لخفض انبعاثات الكربون، فالبشرية أمام اختبار حقيقي لإثبات قدرتها على حماية كوكبها.