تحركات الدولار وتأثير السياسة النقدية الأميركية

بسبب التغيرات الاقتصادية والسياسية، يحوم الدولار قرب أدنى مستوياته التاريخية التي لم يصلها منذ أكثر من ثلاث سنوات، وذلك رغم ارتفاعه الطفيف في التعاملات المبكرة هذا الجمعة، حيث واجهت العملة الأميركية خسائر مؤثرة بلغت 12% من قيمتها أمام العملات الرئيسية منذ بداية ولاية دونالد ترامب في يناير الماضي.

الدولار الآن يقترب من مستويات منخفضة تاريخيًا

على مدى الأشهر الأخيرة، سجل مؤشر الدولار الرئيس خسائر متتالية، حيث انخفض من أعلى نقطة عند 110 في شهر يناير إلى مستوى يقارب 97 نقطة في الوقت الحالي، وهذه التراجعات ارتبطت بشهادة جيروم باول رئيس البنك المركزي الأميركي أمام الكونغرس الذي أظهر ميلاً أكبر تجاه التيسير النقدي، مما زاد من التوقعات بخفض أسعار الفائدة، وبهذا تصبح العملة أقل جذبًا للاستثمار كملاذ آمن يدر عوائد مستقرة.

جدير بالذكر أن هذه الضغوط تأتي بالتوازي مع ضعف المؤشرات الاقتصادية العامة وتفاقم آثار الحرب التجارية التي قادها ترامب برسوم جمركية ضد الصين وغيرها من الشركاء التجاريين، وقد ساهم ذلك في بحث المستثمرين عن ملاذات بديلة لتعويض الانخفاض المستمر بالدولار.

العملات العالمية في مواجهة ضعف الدولار

وسط هذه التحركات الحادة، هناك تأثيرات متنوعة على العملات الرئيسية المنافسة:

• تم تسجيل اليورو مستوى 1.1693 دولار منخفضًا بنسبة 0.15%، ولكنه لا يزال قريبًا من أعلى مستوياته منذ سبتمبر 2021.
• الجنيه الإسترليني تراجع إلى 1.3733 دولار بنسبة 0.2%، رغم اقترابه من الذروة التي حققها في أكتوبر 2021.
• الفرنك السويسري يواصل التحرك بالقرب من أعلى مستوياته منذ عام 2011، حيث حقق 0.8013 مقابل الدولار.
• الين الياباني شهد انخفاضًا أيضًا بنسبة 0.35% ووصل إلى مستوى 144.73 مقابل الدولار.

التغيرات تشير إلى أن تفوق العملات الأخرى على الدولار يعكس الثقة بالاقتصادات الأخرى، وسط استمرار ضغوط السوق الأميركي بسبب التوقعات بخفض الفائدة وعدم وضوح الرؤية الاقتصادية.

جدول: تحليل حركة مؤشر الدولار والعملات

فيما يلي جدول يوضح تراجع الدولار مقابل العملات الأخرى:

هذه البيانات تؤكد استمرار حركة العملات مقابل ضعف الدولار، والذي يواجه تحديات كبيرة على مختلف المستويات.

رهانات السوق الاقتصادية خلال الفترة القادمة

مع انخفاض الدولار إلى مستويات غير مسبوقة على مدى ثلاثة أعوام ونصف، تتركز تحركات المستثمرين الحالية على قرارات السياسة النقدية الأميركية واحتمالات إجراء تخفيضات أكبر في أسعار الفائدة لدعم الاقتصاد، وقد يزيد من تلك الاحتمالات تأثير تصريحات محليين السوق وتركيز الرئيس ترامب على اختيار خليفة لجيروم باول، وهو أمر يتوقع حدوثه خلال الأشهر القادمة.

بالمقابل، فإن ارتفاع التوقعات بتعزيز التيسير النقدي على المدى القريب يقلل من احتمالية أي انتعاش سريع للعملة الأميركية، بينما يستمر البيت الأبيض في مفاوضاته التجارية مع الشركاء لتحقيق اتفاقيات تخفف من تبعات الحرب التجارية، مثل الاتفاقات الجديدة مع الصين في قطاع المعادن الأرضية النادرة.

ختامًا، يعكس الوضع الراهن حالة عدم استقرار بشأن الدولار في ظل قرارات السياسة الأميركية ومستقبل القيادة النقدية، مما يزيد التفكير في الفرص البديلة للعملات الأخرى.