«جدل واسع» حول قانون الإيجار القديم ما مصير عقود الـ 59 عاما؟

كان الحديث عن قانون الإيجار القديم دائمًا يشعل النقاشات في المجتمع المصري، ومع التعديلات الأخيرة التي أقرّها مجلس النواب، عاد الجدال للواجهة مرة أخرى، لاسيما حول مصير عقود الإيجار التي تمتد لـ 59 عامًا.

ما موقف العقود ذات المدة الطويلة من قانون الإيجار القديم؟

من المعروف أن العقود التي تتراوح مدتها بين 59 و60 عامًا تتمتع بوضع خاص في القانون المصري، إذ تعتمد بشكل أساسي على المبدأ المعروف بـ”العقد شريعة المتعاقدين”، المنصوص عليه في القانون المدني رقم 4 لسنة 1996. هذه العقود تلتزم بمدتها المحددة، ولا تتأثر بالتعديلات الأخيرة لقانون الإيجار القديم.

المادة 601 من القانون المدني تضمن استمرارية هذه العقود حتى انتهاء مدتها المتفق عليها، حتى وإن تغيرت الظروف المحيطة أو صدر قانون جديد، حيث يُسمح للمستأجر الأصلي باستغلال العقار على النحو المتفق عليه داخل العقد. أما إذا انتقل العقار إلى الورثة، فلهم الحق في الإقامة بموجب الشروط القديمة، لكن ضمن الجدول الزمني للعقد الأصلي.

التعديلات الجديدة واستثناء العقود طويلة الأجل

في الوقت الذي تسعى فيه التعديلات الأخيرة لقانون الإيجار القديم إلى إعادة تنظيم العلاقة الإيجارية وتحقيق التوازن بين المؤجر والمستأجر، تم استثناء العقود الطويلة التي تتجاوز 59 عامًا من نطاق التطبيق، وهو ما يثير تساؤلات حول جدوى هذه الخطوة وآثارها المستقبلية.

تُشكّل هذه العقود نقطة جدلية بسبب تأثيرها الكبير على طرفي المعادلة، حيث يرى البعض أن استثناءها قد يخلق حالة من الإخلال بفرص المساواة القانونية، بينما يعتبر البعض الآخر أنه من غير المنطقي تعديل اتفاقات قديمة أُبرِمت بروح القانون السارية وقتها.

فيما يلي أهم النقاط التي تميز العقود الطويلة مقارنة بالقانون الجديد:

  • تلتزم هذه العقود بالنصوص الواردة فيها، دون أي تعديل من الطرفين إلا بموافقة مشتركة
  • يحق للورثة الاستمرار في الانتفاع بشرط الالتزام بمدة العقد والمصلحة المقررة
  • التعديلات الأخيرة لا تلغي هذه العقود أو تفرض أي شروط جديدة بشأنها

تحديات التطبيق القانوني على العقود الحالية

عدم إدراج العقود طويلة الأجل ضمن قانون الإيجار الجديد خلق فجوة قانونية قد تستمر لفترة طويلة. فمن ناحية، هذه العقود هي اتفاقات خاصة تستند إلى القانون المدني، وهو ما يجعلها محصّنة من أي تعديلات قانونية لاحقة. ومن ناحية أخرى، قد تُسبّب هذه الاستثناءات تضاربًا قد يعقّد تنفيذ القانون الموحد لجميع العقود الإيجارية القائمة.

لا شك أن استمرار اعتماد هذا النهج يتطلب متابعة دقيقة لتجنب النزاعات المحتملة. فالتحدي هنا لا يكمن فقط في تأثير القانون الجديد على العقود التي تمت صياغتها حديثًا، بل في تحقيق التوازن بين العقود السارية بموجب القوانين السابقة والقوانين المعدلة.

مقارنة بين قانون الإيجار القديم والعقود طويلة الأجل

فيما يلي جدول توضيحي يبرز الاختلافات الأساسية بين العقود القديمة المشمولة بالقوانين المعدلة والعقود طويلة الأجل المستثناة:

العقود القديمة (القانون المعدل) العقود طويلة الأجل (مدتها 59 عامًا)
تخضع لأحكام التعديلات الجديدة محصّنة بموجب القانون المدني
نظام جديد لتحديد الأجرة والتجديد الأجرة كما هو متفق عليه داخل العقد
تنتهي بانتهاء المدة المحددة أو وفقًا للتعديلات الجديدة لا تتأثر بوفاة المستأجر وتُستكمل من قبل الورثة

لذلك، من الواضح أن العقود طويلة الأجل تحظى بوضع قانوني خاص، إلا أن هذه الاستثناءات قد تُرهق في بعض الأحيان تحقيق العدالة المتكاملة بين جميع الأطراف. لذا، يبقى السؤال الأبرز مطروحًا: هل ستُدرج هذه العقود تحت مظلة تشريعات مستقبلية أم ستظل مستقلة؟

بالختام، فإن الأفق القانوني لا يزال يحتاج إلى معالجة دقيقة لهذه المسألة، مع ضرورة فتح حوار تفصيلي مع جميع الأطراف لضمان تطبيق قانون الإيجار القديم بصورة عادلة وشاملة، بهدف تحقيق التوازن بين حقوق المستأجرين والمؤجرين.