كيف يمكن أن تؤثر الحرب الإيرانية الإسرائيلية على ارتفاع أسعار السلع؟

وسط تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران واستمرار الصراع لليوم التاسع على التوالي، تبدو تداعيات هذا النزاع مقلقة بشكل مباشر وغير مباشر على اقتصادات العالم، بما في ذلك قطاع الغذاء. بمعادلة بسيطة، ارتفاع أسعار النفط يعني تأثيرًا مباشرًا على جميع القطاعات المرتبطة بالطاقة، وهذا يشمل الزراعة وإنتاج الغذاء. وبالنظر إلى تداخل العوامل الاقتصادية والسياسية، يصبح من الضروري تسليط الضوء على انعكاسات هذا الصراع على أسعار الغذاء عالمياً.

الحرب الإيرانية وتأثير أسعار النفط

مع تزايد التوترات، وصل سعر برميل النفط إلى نحو 80 دولارًا بفعل مخاوف من إغلاق مضيق هرمز، هذا المضيق الذي يُعتبر شريانًا رئيسيًا لنقل النفط إلى الأسواق العالمية. التأثير السريع الذي يظهر عند ارتفاع النفط يتمثل في زيادة تكاليف النقل البحري والبري، مما يؤدي إلى رفع أسعار السلع المستوردة، بما في ذلك الغذاء. على سبيل المثال، إذا ارتفعت تكلفة شحن الحبوب أو الزيوت، فإن ذلك الانعكاس سيتحمله المستهلك النهائي في صورة أسعار أعلى بالأرفف.

عندما يرافق ارتفاع النفط زيادة في تأمين السفن التجارية التي تمر بمناطق الصراعات، تتفاقم الأزمة، مما يفاقم حالة الضغط على الأسواق الغذائية التي تعتمد بشكل كبير على الاستيراد وخاصةً تلك الدول التي ليست لديها اكتفاء ذاتي.

كيف تؤثر الحرب على أسعار الأسمدة والمبيدات؟

الزراعة، التي تعد أساس سلاسل الغذاء، تعتمد بشكل أساسي على استخدام الأسمدة والمبيدات. لكن إنتاج هذه المواد يعتمد على الوقود البترولي كعنصر أساسي في التصنيع. مع استمرار الزيادة في أسعار النفط، ترتفع تكلفة إنتاجها وبالتالي أسعارها. هذا يعني أن المزارعين يواجهون تحديات كبيرة عندما يحاولون الحفاظ على مستوى إنتاجهم، سواء كانت محاصيل الحبوب أو الزيوت أو الخضروات.

بالتوازي، تشير التقديرات إلى أن تكاليف النقل سواء محليًا أو دوليًا شهدت ارتفاعًا نتيجة انعكاسات الحرب، وخاصةً الجزء المتعلق بشحن الغذاء إلى الدول المستوردة ثم توزيعه داخلياً باستخدام النقل البري. لذلك، فإن الارتفاع في أسعار الوقود لا يتوقف تأثيره فقط على المصانع أو خطوط الإنتاج، بل يظهر بنهاية المطاف في زيادة أسعار المواد الاستهلاكية اليومية.

ماذا تُصدر كل من إيران وإسرائيل وهل هذا يُحدث فرقًا؟

على الرغم من أن دولتي النزاع، إيران وإسرائيل، ليستا من الدول الرئيسية في تصدير السلع الغذائية الأساسية، لكنهما تلعبان دورًا في تصدير مجموعة من السلع التي تعد كمالية أكثر منها أساسية. فإيران، على سبيل المثال، تصدر الفستق، الزعفران، الزبيب، التمر، والتفاح، فيما تركز إسرائيل على تصدير الموالح، الخضروات، ومنتجات الألبان. ومع ذلك، فإن هذه السلع لا تصنف ضمن السلع الاستراتيجية الغذائية مثل الحبوب والزيوت التي تُستهلك يوميًا بانتظام في جميع أنحاء العالم.

إليك مقارنة بسيطة بين صادرات البلدين الغذائية:

إيران إسرائيل
الفستق والتمر والتفاح الموالح والخضروات
الزعفران والزبيب منتجات الألبان

من ناحية أخرى، كلا البلدين مستوردان كبار للسلع الأساسية، فإيران وحدها تنفق حوالي 17 مليار دولار سنويًا لاستيراد الحبوب والزيوت والسكر واللحوم والألبان لتغطية احتياجات سكانها الذين يبلغ عددهم 92 مليون نسمة، بينما تنفق إسرائيل كميات أقل نسبيًا بسبب قلة عدد السكان، الذين يبلغون نحو 8 ملايين نسمة.

كيف يتأثر المستهلك العالمي؟

الواقع أن ارتباط أسعار الغذاء العالمي بأسعار النفط يجعل كل صراع دولي يزيد التحديات، خاصة للدول ذات الاقتصادات المستوردة والتي تعاني من اعتمادها الكبير على السوق الخارجي. ومع كل هذه التقلبات، تظهر الحاجة مجددًا إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي الغذائي محليًا والتوجه نحو تقليل الاعتماد على الاستيراد، سواء بالنسبة للسلع الأساسية أو حتى المواد الأولية المتعلقة بالإنتاج الزراعي مثل الأسمدة والمبيدات.

كل فرد منّا يمكنه الشعور بحجم التأثير، سواء عند شراء الخبز في المخابز أو عند حساب تكلفة الفاكهة والخضروات، لذا فإن متابعة الأوضاع السياسية مؤخرًا ليست مهمة فقط للمحللين، بل لكل من يهتم بميزانيته ومعيشته اليومية.