قطر تستثمر 3.5 مليار دولار في مصر أين ستتجه هذه الأموال

تواصل قطر خططها لتعزيز استثماراتها في السوق المصرية بمشروع ضخم تبلغ قيمته 3.5 مليار دولار، والمتوقع إقامته على ساحل البحر الأبيض المتوسط. هذه الخطوة تُظهر الاهتمام القطري بإعادة ترسيخ دورها الاستثماري في مصر، خصوصًا في ظل ما يشهده السوق العقاري والسياحي من تطورات متسارعة. بحسب التقارير فإن المفاوضات قد تصل إلى مرحلة التوقيع النهائي قبيل نهاية العام 2025، مما يجعل هذا المشروع واحدًا من أكثر المشروعات المنتظرة في المنطقة.

أهداف استثمار قطر في مصر

تهدف قطر بشكلٍ رئيسي إلى العودة القوية للسوق المصرية عبر مشروعها السياحي العملاق، إذ أشار الخبير الاقتصادي عادل عامر إلى أن الحديث عن هذا المشروع بدأ منذ أواخر العام 2024. من خلال هذه الاستثمارات، تسعى الدوحة للاستفادة من فرصة تطوير منطقة السياحة العقارية بالساحل الشمالي. يذكر أن مصر قد شهدت في فبراير 2024 إعلانًا من الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري أثناء لقائه مع نظيره القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، حيث أكد أهمية هذا المشروع رغم عدم الكشف عن جميع التفاصيل حينها.

من الجدير بالذكر أن النهج القطري في اختيار هذه الوجهة الاستثمارية جاء بعد النجاحات البارزة التي حققها مشروع “رأس الحكمة” بالإسكندرية. هذا المشروع، الذي يُعد الأضخم على الإطلاق من حيث الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر، أثبت أن السوق المصرية لا تزال جذابة لرأس المال الخليجي.

ما يميز مشروع رأس الحكمة

مشروع “رأس الحكمة”، الذي تبلغ قيمته الإجمالية 35 مليار دولار، يهدف لتطوير مساحة شاسعة تصل إلى 80 مليون متر مربع. تشمل الخطة إقامة منطقة تضم أكثر من 190 ألف وحدة سكنية من الفيلات والشقق، إلى جانب مناطق ترفيهية وتجارية وسياحية. علاوة على ذلك، سيتضمن المشروع ميناءً دوليًا، محطة قطارات، ومنطقة حرة لجذب الاستثمارات العالمية. وصفت الحكومة المشروع بأنه محرك اقتصادي، إذ يحقق عوائد سنوية بقيمة تصل إلى 25 مليار دولار، مع توقع أن يبلغ إجمالي العوائد التراكمية حتى عام 2045 نحو 110 مليارات دولار، ويوفر في الوقت ذاته ما يقرب من 750 ألف فرصة عمل بشكل مباشر وغير مباشر.

أرقام “رأس الحكمة” قد تكون النموذج الذي ترغب قطر في السير على نهجه عند تنفيذ مشروعها الجديد، وهو ما يدفع نحو الإسراع في إنجاز الترتيبات النهائية لضمان جاهزية المشروع للتنفيذ على أعلى مستوى.

فوائد المشروع القطري للسوق المصري

بعيدًا عن فائدته الاستثمارية، يحمل المشروع القطري قيمة استراتيجية كبيرة لمصر من نواحي متعددة. أولًا، يُعتبر هذا المشروع خطوة لأخذ حصة من السوق الخليجية في مصر، فقد كانت استثمارات قطر تُشكّل نسبة تصل إلى ثلث إجمالي استثمارات دول الخليج في مصر قبل عام 2011. ثانيًا، يوفر المشروع تدفقات نقدية دولارية تساعد على تعزيز احتياطي النقد الأجنبي الذي وصل مؤخرًا إلى 48.525 مليار دولار في مايو 2025.

أما على المستوى المحلي، فإن المشروع يعني فرص عمل ضخمة، بجانب تحسين المناطق المحيطة به مثل الضبعة وسيدي عبد الرحمن والعلمين الجديدة. وفقًا للتقديرات، فإن هذا النوع من المشاريع يرفع العائد الوطني عبر تحفيز الانتعاش الاقتصادي المحلي، وتعزيز أداء الجنيه المصري أمام الدولار، مما يرسل إشارات إيجابية للأسواق الدولية.

أماكن محتملة لإنشاء المشروع

تُبرز الخريطة الاستثمارية المصرية عدة أماكن لإنشاء المشروع السياحي المرتقب. تشير الترجيحات إلى أن المنطقة الواقعة بين سيدي عبد الرحمن والضبعة هي الأفضل بسبب قربها من مشروعات جديدة وعقارية ضخمة. بينما يرون خبراء أن العلمين الجديدة وما بعدها وصولًا إلى محافظة مطروح تشكل وجهة استراتيجية، لما تحتويه المنطقة من إمكانيات جذب سياحية واستثمارية واسعة، إلى جانب احتياجاتها للتطوير.

بمثل هذه المشروعات العقارية المتميزة، لا يقتصر الأمر على تعافي الاقتصاد المحلي، بل يمتد لإنشاء بيئة استثمارية جاذبة، مما يضمن وجود شراكات استراتيجية طويلة المدى تعود بالفائدة على الجميع. إن نجاح مثل هذه المبادرات يعزز ثقة المستثمرين ويدفع بمصر لمركز متقدم كوجهة استثمارية في المنطقة.