النفط يتراجع عن مكاسبه وسط انحسار مخاوف التصعيد بين واشنطن وطهران

تشهد أسعار النفط حراكًا مثيرًا في الأسواق العالمية، لكن الأيام الأخيرة حملت معها تقلصًا في المكاسب مع تصاعد الأحاديث حول تهدئة التوتر بين واشنطن وطهران، إذ شهدت الأسواق حالة من الترقب بعد إعلان البيت الأبيض تأجيل قرار بشأن التدخل الأمريكي بالصراع بين إيران وإسرائيل، وهو ما خفف من مخاوف التصعيد الفوري الذي كان قد يؤثر بشدة على إمدادات الطاقة العالمية.

كيف تراجعت أسعار النفط؟

شهدت أسعار النفط خلال الفترة الأخيرة تذبذبًا ملحوظًا، ففي جلسة الجمعة، انخفض سعر خام برنت بمقدار 1.84 دولار ليصل إلى 77.01 دولارًا للبرميل، متراجعًا بنسبة 2.33% خلال اليوم ذاته، ورغم هذا الانخفاض، أنهى الخام الأسبوع على مكاسب بنسبة 3.2%. أما سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي فقد تراجع بمقدار 21 سنتًا ليبلغ 74.93 دولارًا للبرميل، في حين حقق العقود الأقرب استحقاقًا لهذا الخام مكاسب بنسبة 2.8% خلال الأسبوع.

يعود هذا التذبذب إلى عدة عوامل منها الإجازة الأمريكية التي علّقت بعض عمليات التسوية، فضلًا عن التطورات السياسية الأخيرة المتعلقة بالشرق الأوسط، حيث إن احتمال تهدئة الأوضاع الجيوسياسية دعم الأسواق بشكل طفيف، إلى جانب مؤشرات بأن الحلول الدبلوماسية قد تكون بديلًا للتدخل العسكري المباشر.

دور العقوبات الأمريكية على إيران في تغير الأسواق

أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية في خطوة مفاجئة فرض عقوبات إضافية على إيران، شملت كيانات في هونغ كونغ وعدة أفراد وسفن، وهو ما يعد استمرارًا للضغوط الاقتصادية الأمريكية على طهران. وبالرغم من أن هذه الخطوة غالبًا ما تؤدي لزيادة القلق في الأسواق، فإن التركيز هذه المرة كان على أن فرض العقوبات قد يشير إلى جنوح واشنطن للخيارات السياسية بدلًا من الردود العسكرية.

العقوبات الأخيرة تأتي ضمن جهود منظمة لمكافحة الإرهاب، لكنها تضيف تعقيدًا جديدًا على المشهد، خصوصًا أن التوتر بين طهران وتل أبيب بلغ مستويات خطيرة في الأيام الماضية، إذ استهدفت إسرائيل مواقع إيرانية حساسة، وردّت إيران بهجمات صاروخية ومسيرات باتجاه إسرائيل، وهو ما أدى إلى قفزة أسعار النفط بأكثر من 3% خلال جلسة واحدة.

لكن حديث البيت الأبيض عن مهلة زمنية تمتد أسبوعين للتشاور بشأن الخطوات المتوقعة كان له دور مهدئ، فتح أسواق الطاقة المجال لآمال بمزيد من الاستقرار، بعيدًا عن تداعيات تصعيد عسكري مفاجئ.

هل ستشهد أسعار النفط استقرارًا قريبًا؟

المحللون يرون أفقًا ضبابيًا لمستقبل أسعار النفط في المدى القريب. من جهة، أشار فيل فلين من “برايس فيوتشرز” إلى أن تهدئة تصريحات واشنطن خففت المخاوف قليلًا وسط احتمالات بتأجيل أي تدخل مباشر. بينما أضاف توني سيكامور من “IG” أن الحديث عن مهلة أسبوعين يحمل أصداء لمواقف سابقة، غالبًا ما انتهت دون تحركات مباشرة، ما قد يُبقي التذبذب السعري مستمرًا.

من الجدير بالذكر أن إيران تمثل أحد أعمدة صناعة النفط في أوبك، إذ تنتج حوالي 3.3 ملايين برميل يوميًا، ما يجعل الاستقرار في منطقة الخليج شديد الأهمية. فعلى سبيل المثال، العبور اليومي لمضيق هرمز، الذي يُعد شريانًا حيويًا لنقل النفط، يناهز 18 إلى 21 مليون برميل يوميًا، وأي اضطراب في هذه المنطقة يؤثر بشكل مباشر على العرض والأسعار عالميًا.

العوامل المؤثرة على أسعار النفط:

  • الحالة الجيوسياسية والتوترات بين الدول المنتجة والمستهلكة.
  • العقوبات الاقتصادية وعلاقتها بالدولة الثالثة في أوبك، أي إيران.
  • إغلاق الممرات المائية الحيوية مثل مضيق هرمز.
  • كيفية استجابة الأسواق للتصريحات الأمريكية أو التصعيد المباشر.
العامل التأثير المباشر النتيجة المحتملة
التوترات بين واشنطن وطهران زيادة احتمالية نقص الإمدادات ارتفاع الأسعار عالميًا
العقوبات الاقتصادية تأثير محدود عبر كبح إنتاج إيران تقلبات في سعر الخام
مضيق هرمز تعطيل حركة أكثر من 20% من التجارة النفطية أزمة في الإمدادات

بينما يترقب العالم كيف ستُحسم قرارات البيت الأبيض، تبقى الأسواق مشدودة للأحداث، إذ يشكل النفط عنصرًا حيويًا للحركة الاقتصادية والاجتماعية، وأي تغيير في أسعاره يمتد تأثيره إلى كل زاوية من الحياة اليومية. الصعود أو الهبوط ليس مجرد أرقام، بل انعكاسٌ لحالة توازن معقدة بين التحركات السياسية، والأحداث الجيوسياسية، والاستراتيجيات الاقتصادية الكبرى.