أسبوع مشحون بالأحداث صواريخ تعلو السماء وأسواق تتأثر بحرب إيران وإسرائيل

اشتدت الأحداث مؤخرًا مع اندلاع حرب بين إيران وإسرائيل، ما أدى لزلزال على مختلف الأصعدة، سواء على الأرض أو في القطاعات الاقتصادية العالمية. لم تقتصر التبعات على الجانب الجيوسياسي فقط، بل امتدت إلى الأسواق والسلع والطاقة والنقل، مشكّلة صورة معقدة لتأثيرات تمتد على نطاق واسع. قفزت أسعار الشحن وارتفعت أقساط التأمين، وتأثرت البورصات العالمية، ليبدو الأسبوع وكأنه لوحة شديدة التقلب.

أسعار الشحن وتأثير الحرب على التجارة البحرية

شهد قطاع الشحن البحري ضغطًا غير مسبوق، حيث ارتفعت أسعاره بنسبة 15% في بعض المسارات البحرية الحيوية، بسبب المخاطر المحيطة بممرات الطاقة الحساسة. وقد حذر خبراء وهيئات بحرية دولية من مخاطر عديدة تهدد حركة الملاحة، خصوصًا في مسارات تتركز فيها صادرات النفط. هذا الأمر انعكس على أقساط التأمين البحري التي قفزت بشكل كبير، إذ أُضيف ما بين 3 إلى 8 دولارات لكل برميل من النفط، مما شكّل عبئًا إضافيًا على شركات النقل العالمي وسلاسل التوريد.

تزداد المخاوف نتيجة احتمال تعطيل المزيد من المسارات، كضيق مضيق هرمز الذي يشهد حركة نقل نفطي كبيرة. وفيما يلي جدول يوضح قفزات أقساط التأمين في المناطق الحيوية:

الذهب والنفط.. بين الصعود والتذبذب

كان الذهب دائمًا ملاذًا آمنًا في أوقات الأزمات، وخلال هذه الحرب لم يكن الوضع مختلفًا. صعدت أسعار الذهب إلى مستويات غير مسبوقة عند 3457 دولارًا للأونصة مع بداية التحركات العسكرية، قبل أن تتراجع إلى نحو 3370 دولارًا، مدعومة بتطمينات دولية واتخاذ الفيدرالي الأمريكي خطوات نقدية هادئة. في ذات السياق، توقعت مؤسسات مالية استمرار القوة الشرائية للذهب بسبب المناخ الجيوسياسي المتوتر.

أما أسعار النفط فشهدت قفزات غير تقليدية، حيث صعد خام برنت بنسبة 13% مخترقًا حاجز الـ78 دولارًا، مستفيدًا من الاضطرابات الإقليمية. ولكن تصريحات الولايات المتحدة بشأن تأجيل أي تدخل عسكري مباشر أعادت الأسعار إلى مستويات أكثر هدوءًا في نطاق 77 دولارًا. في حال تفاقمت الأزمة، قد يُغلق مضيق هرمز، ما سيؤدي لارتفاع متوقع في الأسعار إلى 90 دولارًا للبرميل، حسب تنبؤ “سيتي جروب”.

الدولار يعزز مكانته والأسواق المتأثرة

مع تصاعد الاضطرابات، أصبح الدولار الأمريكي الخيار الأول للمستثمرين كملاذ آمن. ارتفع مؤشر الدولار بنسبة 0.5% خلال الأسبوع الماضي، مدعومًا بشهية المستثمرين نحو الأصول الآمنة وقرارات المركزي الأمريكي المتشددة. هذا الارتفاع لم يؤثر فقط على العملات الناشئة التي عانت بشكل واضح، بل ساهم في تحقيق مكاسب عملات مرتبطة بالنفط، مثل الدولار الكندي والكرونة النرويجية.

ولكن على الجانب الآخر، لم يكن الحظ حليفًا للأسواق المالية العالمية، فقد شهدت البورصات تراجعات كبيرة. انخفض مؤشر EGX30 في مصر بنسبة 4.6%، بينما خسر المؤشر السعودي “تاسي” 2.1% في أكبر تراجع له منذ عدة أشهر. أما الأسواق الخليجية والآسيوية، فلم تكن بمنأى عن هذه التأثيرات، إذ سجلت معظم البورصات خسائر في ظل تصاعد المخاوف الجيوسياسية.

قطاع الطيران.. أكبر الخاسرين

بينما حاول العديد من القطاعات التأقلم مع المتغيرات، وجد قطاع الطيران نفسه في مواجهة عاصفة من الخسائر. على سبيل المثال، شهدت شركة “طيران الجزيرة” انخفاضًا كبيرًا بقيمة 18.4% من رأس مالها السوقي، فيما انخفض سهم “العربية للطيران” بنسبة تجاوزت 10%. تعود هذه النتائج بشكل أساسي إلى اضطرابات الملاحة الجوية، وإعادة مسارات الطيران بعيدًا عن مناطق الاشتباك.

الأسهم العسكرية والاستثمار في التسلح

وسط هذه التحولات العاصفة، حققت أسهم شركات التسلح مكاسب كبيرة مع تصاعد الطلب على أنظمة الدفاع. ارتفعت أسهم “لوكهيد مارتن” و”نورثروب غرومان” و”راينميتال” بنسبة تجاوزت 3%، مع توقعات بمزيد من الاستثمارات في القطاع الدفاعي من دول الشرق الأوسط التي تتأهب لتحصين أمنها القومي.

في ظل هذه الأحداث العاصفة، لا تزال الأسواق ترقب بحذر أي تطورات جديدة قد تعيد تشكيل المشهد الاقتصادي والجيوسياسي في المنطقة. يبحث المستثمرون عن أية إشارات للتهدئة أو التصعيد، بينما تُظهر الأوضاع الراهنة ميلًا لتقلبات أكبر مع استمرار الصراع.