تراجع مبيعات التجزئة البريطانية في مايو أسوأ من التوقعات

تُواجه العملة الملكية، الجنيه الإسترليني، موجة من التغيرات على الساحة الاقتصادية العالمية. حيث شهدت تعاملات الأسبوع المنصرم تقلبات ملحوظة تراوحت بين الانتعاش والتراجع، وهو ما يعكس تفاعل السوق مع الأحداث الاقتصادية، أبرزها قرار بنك إنجلترا بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير. ولكن، هل نستطيع أن نتوقع مسار العملة المقبلة؟ هذا ما يحاول المتداولون والمستثمرون فك شفرته.

الجنيه الإسترليني: رحلة استرداد قصيرة الأجل

افتتح الجنيه الإسترليني تعاملاته يوم الجمعة بطريقة إيجابية ملحوظة عندما سجل ارتفاعًا بنسبة 0.25% مقابل الدولار ليستقر عند مستوى 1.3500 دولار، بعد أن بدأ تعاملاته عند 1.3468 دولار ولامس أدنى مستوى له عند 1.3453 دولار. هذا التحسن يأتي بعد موجة انتكاسات متوالية، حيث تراجع الإسترليني إلى أدنى مستوياته في أربعة أسابيع يوم الخميس. يُعزى الارتفاع الأخير إلى عمليات شراء عند مستويات منخفضة، بالإضافة إلى ترقب بيانات مبيعات التجزئة البريطانية.

ولكن مع كل هذه التحركات الإيجابية اليومية، تشير البيانات الأسبوعية إلى أن الجنيه الإسترليني قد يفقد قوته. إذ انخفضت العملة البريطانية بمقدار 0.55% على مدار الأسبوع. قد لا تكون هذه الأخبار السعيدة للمستثمرين، لكنها تمثل فرصة جيدة لتحليل العوامل المؤثرة على السوق.

قرار بنك إنجلترا وتداعياته على السوق

كما هو متوقع، قرر بنك إنجلترا في اجتماعه الأخير الإبقاء على أسعار الفائدة البريطانية عند مستوى 4.25%، وهو أدنى مستوى منذ مارس 2023. القرار جاء وسط انقسام بين أعضاء اللجنة النقدية، حيث صوت 6 أعضاء لصالح الإبقاء مقابل 3 أعضاء نهجوا نحو خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس. هذا التضارب في الاتجاهات يشير بوضوح إلى وجود حذر داخل البنك بشأن اتخاذ خطوات جديدة في الوقت الراهن.

ويرتبط قرار البنك برؤية أعمق لتحركات التضخم والسوق، حيث أكدت السياسة النقدية للبنك أنها تهدف إلى استقرار معدل التضخم عند مستواه المستهدف البالغ 2%، بالتوازي مع تشجيع النمو الاقتصادي ودعم سوق العمل. تصريحات محافظ بنك إنجلترا، أندرو بيلي، كانت صريحة حول أن أي خفض مستقبلي لأسعار الفائدة مرتبط بالأداء الاقتصادي خصوصاً بيانات التضخم وقوة سوق العمل، ما يعني أننا أمام مرحلة من المراقبة الدقيقة للسوق قبل اتخاذ أي قرارات جديدة.

• احتمالات خفض أسعار الفائدة هذا العام تصل إلى 50 نقطة أساس على مدى الاجتماعات المقبلة.
• يرى السوق أن اجتماع أغسطس المقبل سيشهد تخفيضًا بمقدار 25 نقطة أساس بنسبة احتمالية مرتفعة تُقدر بـ80%.

دور بيانات مبيعات التجزئة في تحديد المسار

بالنظر إلى أهمية مبيعات التجزئة على الاقتصاد البريطاني، فإنها تعمل كإشارة واضحة على سلوك المستهلكين وحجم الإنفاق العام، مما يساهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة. وتصدر بيانات التجزئة اليوم الجمعة عند الساعة 07:00 بتوقيت جرينتش وسط توقعات بانخفاضها بنسبة 0.5% لشهر مايو، مقارنة بارتفاع بلغ 1.2% في أبريل.

إذا جاءت النتائج أسوأ مما هو متوقع، فإن هذه الخطوة ستعزِّز مخاوف المستثمرين بشأن المسار الهبوطي للعملة. وعلى العكس، فإن أي مفاجآت إيجابية قد تمنح الجنيه قوة دافعة جديدة، وهو السبب الذي يجعل الجميع في حالة تأهب لمعرفة هذه المؤشرات الاقتصادية.

تحركات المستثمرين وتوجهات السوق

حاليًا، يتجه المتداولون إلى اتخاذ مواقف حذرة في ظل التوقعات المتشائمة بإمكانية تخفيض أسعار الفائدة البريطانية. تُسعّر السوق بالفعل سيناريو تخفيض الفائدة في أغسطس وبالتالي ينعكس ذلك على قيمة العملة، فضلًا عن القرارات القادمة التي قد تتأثر بشكل مباشر بتقارير التضخم وسوق العمل.

تلعب أحداث مثل إصدار البيانات الاقتصادية الرئيسية دوراً جوهريًا في إعادة تشكيل هذه التوقعات والتي يمكنها أن تعزز أو تُخفِّف من الضغوط على الجنيه الإسترليني. لذا فإن متابعة الأخبار والبيانات بدقة يُعد أمرًا بالغ الأهمية سواء كنت مستثمرًا أو مجرد مراقب لعالم المال.

الجميل أن السوق دائمًا ما يحوي فرصًا جديدة لكل من يجيد قراءة تفاصيله، خاصة عندما تكون العوامل الاقتصادية واضحة بين التوقعات والواقع.