انطلاق القمة المصرفية العربية الدولية لاتحاد المصارف اليوم من باريس

تخيّل نفسك تسير في إحدى أرقى شوارع باريس، لكن هذه المرة، المشهد مختلف، حيث تجمع نخبة من قادة المصارف والخبراء الاقتصاديين من مختلف أنحاء العالم في حدث استثنائي. اتحاد المصارف العربية يعقد القمة المصرفية العربية الدولية لعام 2025 تحت شعار “الصمود الاقتصادي في ظل المتغيرات الجيوسياسية”. هذا الحدث الكبير، الذي يحظى برعاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، يشكل فرصة ذهبية لتعزيز الحوار والمشاركة بين العالم العربي وأوروبا في مجالات الاقتصاد والمصارف.

الصمود الاقتصادي محور النقاش

تتصدر القمة المصرفية العربية الدولية بأجندة مليئة بالمواضيع الحيوية، وعلى رأسها كيفية تحقيق الصمود الاقتصادي في مواجهة التحولات الجيوسياسية. لا يقتصر الأمر على مجرّد مناقشات عابرة، بل يشمل دراسة التحديات التي تواجه التجارة العالمية ومشاركة الأفكار المبتكرة لتعزيز التعاون بين الدول العربية وأوروبا. إلى جانب هذا، هناك تركيز خاص على مصير القطاعات المصرفية في الدول التي شهدت أزمات غير مسبوقة، وما يمكن فعله لدعمها وإعادتها لمسار النمو والاستقرار.

احتفاء وتكريم بارز

في خطوة تعكس التقدير للقيادات المتميزة، شهدت القمة حدثًا استثنائيًا بتكريم محافظ البنك المركزي المصري، الأستاذ حسن عبد الله، بجائزة “محافظ العام”. والسبب؟ دوره اللافت في تحقيق الاستقرار المالي وتوجيه السياسات النقدية بمهارة، إلى جانب تأثيره البارز في دعم الإصلاحات الاقتصادية الشاملة. هذه الجائزة السنوية لاتحاد المصارف العربية تُمنح فقط لأكثر الشخصيات تأثيرًا في المجال المصرفي، لتكون شاهدة على الجهود المستمرة لتعزيز مكانة القطاع المصرفي العربي عالميًا.

جلسات مليئة بالفرص

تعكس الجلسات النقاشية في القمة المصرفية رؤية استشرافية للتحديات والفرص القادمة. الجلسة الأولى ألقت الضوء على أهمية التكامل بين أوروبا، والشرق الأوسط، وشمال إفريقيا في تعزيز حركة التجارة والاستثمار بين الأطراف الثلاثة، ولم تسلط الضوء فقط على الروابط الاقتصادية التقليدية، بل تطرقت إلى التحول في مجال الطاقة كفرصة لخلق استثمارات مبتكرة ومستدامة.

أما الجلسة الثانية، فركزت على بناء تحالف اقتصادي عربي-أوروبي قوي، تناولت حلولًا لمواجهة تحولات التجارة العالمية وتعزيز الصمود الاقتصادي في القارة الأوروبية، ووضعت خططًا تسهم في تحسين التعاون الاقتصادي بين العالمين العربي والأوروبي ضمن نظام عالمي يشهد انقسامًا متزايدًا.

الجلسة الثالثة كانت أشبه بخارطة طريق للتعامل مع الأزمات، حيث تطرقت إلى أوضاع المصارف في الدول العربية التي تعاني من النزاعات، مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن والسودان. ناقش الخبراء فيها كيفية إعادة هيكلة هذه الأنظمة المصرفية وإنعاشها عبر بيئة دولية داعمة. كما لم تغفل أهمية تعزيز آليات مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لاستعادة الثقة ومحاربة الجرائم المالية.

مخرجات ملموسة وتوصيات هامة

القمة لم تكتفِ بالنقاشات النظرية، بل ركزت على طرح استراتيجيات ملموسة، يعززها اهتمام خاص بجوانب مثل تحسين تدفقات رأس المال بين المناطق المختلفة، وتكاتف الجهود لدعم اقتصادات الدول المتضررة. كانت هناك إشارة واضحة إلى أهمية تقنيات ومبادرات حديثة في تحقيق طفرة مصرفية حقيقية، سواء في التحول الرقمي أو بناء نظم اقتصادية أكثر متانة.

الجلسة الموضوع الرئيسي التركيز
الأولى تسريع التعاون بين المناطق التجارة والاستثمار والتحول في مجال الطاقة
الثانية التعاون العربي الأوروبي بناء التحالف التجاري والاقتصادي
الثالثة إعادة هيكلة الأنظمة دعم المصارف المتأثرة وحوكمة مكافحة غسل الأموال

اتحاد المصارف العربية استطاع بهذه القمة أن يطرح رؤية متكاملة للتعاون والحوار بين الشرق والغرب، متجاوزًا بذلك مجرد كلمات بروتوكولية. ما يجعل هذا الحدث فرصة نادرة لفتح آفاق جديدة للشراكات الاقتصادية هو القدرة على توجيه الحوارات نحو تعزيز الصمود والتطوير. مؤكد أن المخرجات المرتقبة ستلعب دورًا حيويًا في صياغة مسار جديد أكثر استدامة واستقرارًا، لتصبح باريس شاهدة على لقاءٍ اقتصادي يعكس قوة الوحدة والعمل المشترك.