رحلة كرة القدم النسائية في مصر عبر 105 أعوام من التحدي

لعبة كرة القدم النسائية في مصر تحمل بين طياتها تاريخًا طويلًا ومليئًا بالتحديات، بدأت الحكاية منذ أكثر من 105 أعوام، حيث ظهرت بوادر هذه اللعبة وسط طغيان النظرة الذكورية التي سيطرت على الرياضة بشكل عام، ومع ذلك، تمكنت كرة القدم النسائية من التحرك بخطوات بطيئة نحو الانتشار. اليوم، ومع تطور الثقافة الرياضية وزيادة الدعم المجتمعي، أصبح لهذه اللعبة مكانة ملحوظة ومسار جديد مليء بالأمل.

البداية: كرة القدم النسائية وجذورها في مصر

لا يمكن الحديث عن كرة القدم النسائية دون العودة إلى أصولها، ففي عام 1920 تأسس أول فريق كرة قدم نسائي تحت اسم فريق النيل للسيدات بمشاركة لاعبات أجنبيات، لكن سرعان ما واجه الفريق صعوبة في الانتشار بسبب التقاليد المحافظة التي جعلت المجتمع آنذاك يرفض فكرة انخراط النساء في الكرة تحديدًا. حتى خلال العقود التالية، ومع انفتاح بعض المساحات الرياضية للنساء، استمرت كرة القدم تعاني من التهميش مقارنة بالرياضات الأخرى مثل الجودو أو رفع الأثقال.

انطلقت أولى المحاولات الجادة للاهتمام بكرة القدم النسائية في التسعينيات، وفي عام 1998، شهدنا المشاركة الرسمية الأولى لمنتخب مصر للسيدات عندما واجه منتخب أوغندا وانتهت المباراة بالتعادل الإيجابي 1-1. كما شارك المنتخب لاحقًا في بطولة أمم أفريقيا، رغم النتائج المخيبة في البداية، إلا أنها كانت خطوة فارقة للعبة.

نحو الاحتراف: مراحل التطور في كرة القدم النسائية

رغم النجاح المحدود لمشاركات المنتخب الوطني، إلا أن السنوات الأخيرة كانت أكثر إشراقًا لكرة القدم النسائية في مصر. البداية الحقيقية لتغير المشهد جاءت بعد قرارات الاتحاد الأفريقي لكرة القدم “كاف” عام 2023، والتي فرضت على الأندية الكبرى إنشاء فرق نسائية للحصول على التراخيص اللازمة للمشاركة في البطولات الأفريقية. هذا القرار دفع الأندية، وعلى رأسها الأهلي والزمالك، إلى الدخول بجدية في هذا المجال.

نتيجة لذلك، نظّم الاتحاد المصري أول دوري عام بمشاركة الأندية الكبرى، حيث شهدتنا لاحقًا فرق مثل مسار والأهلي يحققان إنجازات بارزة. استطاع فريق الأهلى الفوز ببطولة كأس مصر للسيدات، بينما تمكن فريق الزمالك من تحقيق مركز متقدم في الدوري. ومن المثير للإعجاب هو التحسن المستمر في أداء منتخب السيدات، حيث اقترب الآن من التأهل للمرة الثالثة في تاريخه إلى نهائيات بطولة أمم أفريقيا.

التحديات التي تواجه كرة القدم النسائية في مصر

رغم التقدم الملحوظ، إلا أن كرة القدم النسائية في مصر لا تزال تواجه العديد من العقبات التي تحد من انتشارها بشكل أكبر. بعض هذه التحديات تشمل:

• ضعف الدعم المادي الموجه للأندية النسائية والمنتخبات
• قلة عدد المدربين والمدربات المؤهلين لتطوير مهارات اللاعبات
• ندرة الملاعب والمنشآت الرياضية المخصصة للفتيات
• قلة الاهتمام الإعلامي بالمسابقات النسائية مقارنة بالرجالية

ولكن، هناك بارقة أمل في المستقبل إذا ما تم توجيه المزيد من الاهتمام لمواصلة تطوير اللعبة، خاصة مع الدعم المتزايد من الأندية الكبيرة واتساع نطاق المنافسة.

اليوم، تتجه الأنظار إلى منتخب السيدات وهو يخوض التصفيات المؤهلة لبطولة أمم أفريقيا 2026، ومع اقتراب المواجهة الحاسمة أمام غانا، يبدو الأمل كبيرًا في تحقيق إنجاز جديد في طريق تعزيز مكانة كرة القدم النسائية في مصر. ومع استمرار هذا الزخم، ربما تتحول الملاعب لتحتضن المزيد من الفتيات الحالمات بإثبات جدارتهم في كرة القدم.