الحكومة اليمنية تستعد لتحرير الدولار الجمركي فهل سترتفع الأسعار؟

يشهد الاقتصاد اليمني في الفترة الحالية قرارات تُثير جدلاً واسعًا، كقرار تحرير سعر الدولار الجمركي، وهو الخطوة التي تهدف الحكومة من ورائها إلى تحقيق استقرار مالي وتمكينها من تمويل الرواتب بدون الاعتماد على المساعدات الخارجية. هذا القرار يضع اليمن عند مفترق طرق بين تحسين المنظومة المالية واستيعاب الآثار الاقتصادية الصعبة التي قد تواجه المواطن البسيط.

تحرير سعر الدولار الجمركي وتأثيره على الاقتصاد اليمني

قرار تحرير سعر الدولار الجمركي يعني أن الحكومة اليمنية ستتوقف عن تثبيت السعر الحالي عند 750 ريالاً للدولار الجمركي، لتتبنى السعر المتغير الموافق للسوق المحلي والذي يُقارب حاليًا 2670 ريالاً للدولار. الهدف المعلن للحكومة من هذا التغيير هو زيادة التدفقات النقدية لخزينتها، مما يساعدها على تمويل الرواتب وتعزيز قدرتها على تلبية الاحتياجات الأساسية لعناصرها الوظيفية، دون الحاجة للاستدانة من الصناديق الحكومية الأخرى، كصندوق النشء وصيانة الطرق.

ومع أن هذه الخطوة تعتبر مطلبًا أساسيًا من الدول المانحة لتحسين الاقتصاد المحلي، إلا أن التخوفات تتزايد بشأن تأثير هذا التغيير على أسعار المواد والخدمات. الارتفاع المتوقع في الجمارك سيقود حتمًا إلى زيادة في أسعار السلع الأساسية، ويخلق تحديًا غير بسيط للمواطن اليمني الذي يواجه أصلًا ضعفًا في القدرة الشرائية بسبب الإنهاك الاقتصادي والتضخم المستمر.

هل تعويض زيادة الأسعار بالرواتب كافٍ؟

بشكل عام، ترافق تحرير سعر الدولار الجمركي مع إعلان الحكومة عن نيتها رفع رواتب الموظفين للفئات 1 و2 و3 و4 بنسبة تصل إلى 30% كخطة لتعويض التأثير المتوقع لزيادة أسعار المشتقات النفطية والخدمات الأخرى. بينما تُعتبر هذه الزيادة خطوة إيجابية، إلا أن مراقبين يتوقعون أن الزيادة في الرواتب لن تكون كافية لمواكبة القفزات المتوقعة في أسعار السلع.

فالواقع يشير إلى أن زيادة الأسعار ستتجاوز الزيادة في الرواتب بفارق كبير، خاصة في ظل ارتفاع تكلفة النقل والمواصلات بعد زيادة أسعار الوقود. هذا الفرق بين دخل المواطن الفعلي والأسعار المتزايدة قد يفاقم من معاناة الأسر اليمنية، ما يرفع من نسبة التضخم ويزيد من مخاطر الانكماش الاقتصادي الذي يتأثر بسعر صرف الريال اليمني المتقلب أمام العملات الأجنبية.

ما تأثير القرار على المدى البعيد؟

إلى جانب الضغط اليومي الذي سيتحمله المواطن اليمني، يعتبر قرار تحرير سعر الدولار الجمركي خطرًا مزدوجًا، يحمل معه إمكانيات للإصلاح المالي لكنه قد يفاقم أزمات محلية مستعصية. زيادة الأسعار ستمتد لتشمل السلع الأساسية، إذ من المتوقع أن الزيادة في الجمارك ستضغط على الموردين والمستهلكين في آن واحد، ما يجعل تحقيق التوازن المطلوب أمرًا شديد الصعوبة.

في المقابل، يضع السفراء والدول المانحة آمالاً على هذه الخطوة كجزء من خطة أوسع لتحسين الاقتصاد اليمني، حيث يعتبر تحرير الجمارك أحد متطلبات الاستثمار والتعاملات التجارية الدولية، وهو ما قد يؤتي ثماره على المدى البعيد إذا تم تطبيقه بحذر وضمن خطة واضحة.

التأثير الإيجابيات التحديات
زيادة سعر الدولار الجمركي تمويل الرواتب دون الاستدانة، تحسين الجباية المحلية ارتفاع الأسعار، ضعف القدرة الشرائية، زيادة التضخم
رفع الرواتب زيادة دخل الموظفين في بعض الفئات عدم كفاية الزيادة لمواكبة التضخم
  • رصد تأثير القرار على أسعار السلع بشكل أسبوعي لضبط أي زيادات غير مبررة.
  • توفير دعم مباشر للمواد الأساسية لضمان استقرار السوق.
  • إطلاق برامج حماية اجتماعية تعوض الفئات الأكثر تضررًا من ارتفاع الأسعار.

الصورة تبدو متباينة بين ما يحدث حاليًا والآمال المستقبلية، ورغم التحديات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد اليمني والمواطنون على حد سواء، فإن الجدوى الحقيقية ستكمن في كيفية تنفيذ القرار ومتابعة تأثيراته وإدارة تداعياته بشكل مدروس وشامل. الأمر يتطلب تعاونًا بين الحكومة، القطاع الخاص، وأطراف المجتمع لضمان تحقيق توازن عادل.