الذهب يواصل صعوده وسط قلق متزايد من تفاقم التوترات الإقليمية

ارتفاع الذهب مجددًا إلى مستويات قياسية دائمًا ما يكون مرآة لتوتر الأسواق واضطرابات الساحة العالمية، وقد شهدنا ذلك اليوم عندما ارتفعت أسعار الذهب بشكل واضح في الأسواق الآسيوية، وسط تصاعد المخاوف بسبب النزاع المتسع في منطقة الشرق الأوسط، تحديدًا بعد دعوة الرئيس الأمريكي للإخلاء الفوري للعاصمة الإيرانية، لتحل المخاوف السياسية محل أي تحسن اقتصادي ممكن.

أسعار الذهب اليوم في الأسواق العالمية

اليوم أثبت الذهب أنه الملاذ الآمن الأبرز للمستثمرين، حيث ارتفع سعر المعدن بنسبة 0.4%، ليصل إلى مستوى مذهل بلغ 3400.46 دولارًا للأونصة، وهو الأعلى خلال الأسبوع، وذلك رغم التراجع الذي شهده في جلسة الإثنين بخسارة بلغت 1.4%، وهي أشد خسائره اليومية في الشهر الأخير.

صعود الذهب بهذا الشكل القوي جاء على خلفية المخاوف التي غذتها الصراعات المتزايدة، خاصة مع تقارير الهجمات على المنشآت النووية الإيرانية والتي باتت تغذي القلق من آثار تقلبات الأسواق، ليصبح الذهب الخيار الأمثل للادخار وقت الأزمات. ومن المثير أيضًا أن هذا المعدن دائمًا ما ينجح في استيعاب الأزمات بشكل سريع، محققًا مكاسب إضافية عندما تخبو الأسواق الأخرى.

توقعات أسعار الذهب في المستقبل

رغم صعود الذهب الحالي، تظهر التوقعات الاقتصادية نظرة مغايرة، حيث أشارت مجموعة “سيتي جروب” إلى احتمالية تراجع أسعار الذهب تدريجيًا خلال الأرباع القادمة، مع استقرار الأوضاع العالمية وتحسن النمو الاقتصادي المتوقع. وفقًا لتقريرهم، يمكن أن تهبط أسعار الذهب لتتراوح ما بين 2500 و2700 دولارًا للأونصة بحلول الربع الثاني من عام 2026.

الأسباب وراء هذه التوقعات تتمحور حول احتمال خفض أسعار الفائدة الأمريكية وتعزيز الثقة العالمية في تحسن الاقتصاد، إلا أن الأسواق الجيوسياسية المتقلّبة دائمًا ما تترك الباب مفتوحًا لارتفاع الذهب بشكل مفاجئ، ومن المؤكد أن المستثمرين سيظلوا مترقبين. ومع ذلك، فإن أداء الذهب خلال هذا العام بدا مبهرًا، حيث سجل ارتفاعًا تجاوز 30%، مدفوعًا بالإقبال الشديد من البنوك المركزية حول العالم لزيادة احتياطياتها من الذهب.

عوامل تُحدد مستوى الذهب حاليًا

عند تحليل العوامل المحددة لأسعار الذهب، نجد أنها عديدة ومتداخلة:

• المخاطر الجيوسياسية المتزايدة، والتي تضغط على المستثمرين للبحث عن أصول آمنة كبديل للأصول الخطرة.
• استقرار أو تقلب الدولار الأمريكي، إذ أن العلاقة بين الذهب والدولار غالبًا ما تكون عكسية.
• الحركة في أسعار الفائدة، حيث يميل الذهب إلى الصعود عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة.
• العرض والطلب الناتج عن البنوك المركزية والمستثمرين الأفراد في السوق.

مقارنة أداء الذهب مع المعادن الأخرى

لإلقاء نظرة سريعة على الوضع الحالي لأداء المعادن الأخرى مقارنة بالذهب، نعرض البيانات التالية:

من خلال الجدول، نلاحظ أن الذهب يبرز كسيد المعادن في هذه الفترة، حيث يحافظ على أدائه الإيجابي رغم التفاوت الذي تشهده المعادن الأخرى، كما أن ثبات مؤشر الدولار الأمريكي مقابل العملات يؤكد على أهمية الذهب بوصفه وسيلة للتحوط في الأوقات الصعبة.

بينما تستمر هذه التحركات في الأسواق العالمية، يظل الذهب الوجهة الأساسية للمستثمرين الساعين للحفاظ على قيمة أموالهم خلال أوقات القلق العالمي، ومع تصاعد التوترات الجيوسياسية، قد نشهد مزيدًا من الاهتمام بهذا المعدن الثمين في الأيام المقبلة. كن مطلعًا دائمًا على التحديثات الاقتصادية، فقد يكون أداؤه مؤشرًا لما يمكن أن يحدث في الأسواق الأخرى أيضًا.