«ضغوط المنافسة» قطاع التأمين السعودي هل يضعف فرص الشركات الصغيرة؟

يُعد قطاع التأمين السعودي من أهم مكونات الاقتصاد الوطني، حيث شهد طفرة تطويرية لافتة في السنوات الأخيرة مدفوعة برؤية المملكة 2030، ومع ذلك تواجه الصناعة تحديات معقدة تؤثر على نموها واستدامتها، أبرزها تركز السوق في يد الشركات الكبرى وضغط المنافسة والامتثال التنظيمي، مما يلوح بموجة جديدة من الاندماجات.

سيطرة كبار الشركات وتأثيرها على قطاع التأمين السعودي

يمثل التحدي الأول السيطرة الكبيرة لعدد محدود من الشركات على الحصة الأكبر من السوق، وفقًا لتقرير “إس آند بي غلوبال”، تتحكم أكبر خمس شركات تأمين بما يعادل 70% إلى 75% من إجمالي إيرادات القطاع، بينما تكافح 21 شركة متوسطة وصغيرة للحفاظ على تواجدها أمام شراسة هذه التنافسية، هذا التركز يزيد من احتمالات اندماج الشركات لتجنب الخروج من السوق، إلا أن مشاكل تتعلق بأسعار التقييم والحصص تعرقل إكمال هذه العملية بصورة سلسة.

إن طبيعة هذا التركز تساعد الشركات الكبرى على تحقيق أرباح مرضية، لكنها تعيق نمو الشركات الصغرى التي تكون عادة أكثر عرضة للضغوط المالية والتنظيمية، كما أن تباين مستوى الأداء بين الكيانات يؤثر سلبًا على ثقة المستثمرين في القطاع ككل، ما يجعل الحاجة إلى تغيرات جذرية أمرًا ملحًا.

الضغوط التنظيمية وتفاقم المنافسة السعرية في السوق

المنافسة السعرية تشكّل التحدي الثاني الأكبر أمام قطاع التأمين السعودي، حيث تتنافس الشركات بشكلٍ مفرط على تقليل الأسعار، خاصةً في مجالات مثل التأمين الصحي وتأمين المركبات، هذه المنافسة تربك آلية التسعير الصحيحة وقد تقلل في معظم الأحيان من نوعية الخدمات المقدمة للمستهلكين.

بالإضافة إلى ذلك، نجد صرامة القواعد التنظيمية الحديثة التي أصدرتها الجهات المعنية مثل متطلبات الملاءة المالية، ما يدفع عددًا كبيرًا من الشركات الصغيرة إلى مشاكل تتعلق بالتزاماتها المالية وقدرتها على تقديم تغطيات تأمينية مميزة، على الرغم من أن هذه القواعد تسعى لتعزيز استقرار السوق، إلا أنها أصبحت عبئًا على الشركات الأقل قدرة على التكيف معها.

الاندماجات تظهر هنا كحل متوسط المدى، حيث تُتيح للشركات الصغيرة فرص للتكتل مع كيانات أعلى قوة لتخفيف الالتزامات، وتحقيق توازن أكبر في السوق، إلا أن إنجاز هذه الاندماجات سريعًا سيمثل تحديًا في ظل وجود خلافات على التقييمات وتوزيعات الملكية بعد الاندماج.

التقنية والذكاء الاصطناعي.. فرص ذهبية رغم أزمات التقليدية

على الرغم من كل هذه المعوقات، يظل هناك نافذة أمل مشرقة في مستقبل القطاع، حيث تلعب التقنية والذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في تحديث الخدمات وزيادة الكفاءة التشغيلية، الاستطلاعات تشير إلى أن أغلبية الرؤساء التنفيذيين يرون التقنية كحجر زاوية لدفع عجلة النمو المستقبلي في السوق السعودي.

إليكم أبرز الفرص التي يمكن أن تستغلها الشركات من خلال التقنية:

  • خفض التكاليف التشغيلية باستخدام الذكاء الاصطناعي في التقييم وتقديم المطالبات.
  • تحسين تجربة العميل من خلال الأتمتة وتقديم حلول فورية لمشاكلهم.
  • الاستفادة من البيانات الضخمة لأخذ قرارات استراتيجية مستقبلية.

تزايد تطبيق هذه الحلول يعني أن الشركات تستطيع تجاوز تحديات المنافسة السعرية عبر زيادة القيمة المقدمة للعملاء في مقابل التخفيض البسيط في التكاليف أيضًا.

جدول: نسب الإنفاق على التأمين والقطاعات المستهدفة بالسوق السعودي

نوع التأمين نسبة المساهمة في السوق متوسط الإنفاق السنوي 2024
التأمين الصحي 55% 1302 ريال
التأمين العام 34% 805 ريالات
تأمين الحماية والادخار 10% 260 ريالًا

علاوةً على ذلك، نجد أن ارتفاع مساهمة القطاع في الناتج المحلي غير النفطي يعكس الجهود المبذولة للنهوض بواقع التأمين داخل المملكة، بلغ هذا المعدل 2.59% بنهاية عام 2024، مما يشير إلى أرضية مناسبة لمضاعفة هذه النسبة خلال الأعوام القادمة، وفق مستهدفات رؤية 2030.

بينما تمضي شركات التأمين السعودية نحو تعزيز مرونتها المالية من خلال التطور التكنولوجي والاندماجات الاستراتيجية، تبقى فرص تحقيق التوازن في السوق واستعادة النمو المستدام رهنًا بتبني آليات ذكية أكثر تكاملًا مع تغييرات السوق المتسارعة.