«ليلة الحج» مزدلفة تحتضن أعظم شعائر الطمأنينة والعبادة

مشعر مزدلفة هو أحد المشاعر المقدسة والمساحات المحورية في رحلة الحج، ويعد محطة رئيسية بين عرفات ومنى، ويمتد المشعر على مساحة شاسعة تقارب 11.68 مليون متر مربع، مستوعبًا أكثر من مليوني حاج على مدار موسم الحج، يتميز بغياب الأبنية الدائمة للحفاظ على طبيعته الشعائرية والتنظيمية، ويقع على بُعد 8 كيلومترات فقط من المسجد الحرام.

مزدلفة محطة الإيمان واتباع سنة النبي

يمثل المبيت في مزدلفة ليلة العاشر من ذي الحجة تحقيقًا لسنة النبي محمد ﷺ، حيث يجمع الحجاج بين صلاتي المغرب والعشاء جمعًا وقصرًا في أجواء تغمرها الروحانية والدعاء، كما يقومون بجمع الحصى استعدادًا لرمي الجمرات في منى، ما يعطي لهذه الليلة طابعًا خاصًا ومميزًا يعكس أسمى مظاهر الالتزام الديني والاقتداء بالسنة النبوية، ويزداد شعور الحجاج بالطمأنينة خلال هذه الليلة.

القيمة الدينية لمزدلفة وسبب تسميتها

تعود تسمية مزدلفة إلى كلمة “زلف الليل”، أي أول ساعاته، كما تعني “يزدلفون”، أي يتقربون من المسجد الحرام، وقد ورد ذكر مزدلفة في القرآن الكريم بقول الله تعالى: “فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام”، ما يؤكد قيمتها الدينية الكبيرة إذ يُستحب الوقوف في المشعر الحرام ضمن مزدلفة للدعاء والتضرع إلى الله في انعكاس جلي للتقرب إلى الله وصفاء الروح والإيمان.

تطوير مزدلفة لتسهيل الحج

شهد مشعر مزدلفة على مر السنين تطورات متتالية لتحسين تجربة الحجاج، بدأ هذا التغيير من مشعر بدائي إلى منظومة متكاملة بفضل مشاريع البنية التحتية التي أطلقتها الجهات المعنية في السعودية، إذ تم العمل على تعزيز مستوى الراحة والسلامة مع توفير مسارات للمركبات، وحلول بيئية مثل الأرضيات المطاطية والمسطحات الخضراء، ما ساهم في تقليل حرارة الطقس والإجهاد وتحقيق تجربة مريحة للحجاج.

مشروع “مسار المشاعر” نموذج للتطوير المستدام

قامت شركة كدانة للتنمية والتطوير بتحديث كامل لمسار مزدلفة بمشروع شامل يمتد على مساحة 170 ألف متر مربع، وقد تضمن:

• أكثر من 103 آلاف متر مربع من الأرضيات المطاطية
• 15 ألف متر مربع من المسطحات الخضراء
• إنشاء مسارات مخصصة للمركبات والعربات وسيارات الجولف
• تركيب 385 مقعدًا و780 مشرب ماء
• 240 وحدة شحن، إلى جانب مظلات وأعمدة رذاذ ولوحات إرشادية

ساهم هذا المشروع في توفير بيئة مستدامة ومهيأة لاستيعاب الكثافة المرتفعة للحجاج.

مسجد المشعر الحرام مركز الروحانية والخدمة

يشهد مسجد المشعر الحرام جهودًا مكثفة للتحديث والصيانة، إذ قامت وزارة الشؤون الإسلامية برفع مستوى تنظيم المسجد بتحسين التكييف وتوفير مفروشات جديدة وصيانة الإضاءة ومكبرات الصوت، كما تم توسيع مصلى النساء لمضاعفة استيعابه، ما يعكس حرص الجهات المسؤولة على تحقيق راحة الحجاج أثناء أداء مناسكهم، تتوزع في المسجد 65 جهاز تكييف دولابي و6 وحدات مركزية، مما يضمن بيئة مريحة وروحانية.

أنظمة ذكية لتنظيم الحشود في مزدلفة

تعتمد الهيئات المسؤولة في مزدلفة على الأنظمة الرقمية الذكية لتحسين تفويج الحشود، عبر تطبيقات إلكترونية وغرف تحكم مركزية مزودة بكاميرات لمتابعة حركة الحجاج وتنظيمها، تضمن هذه الحلول مستوى عالٍ من السلامة والتنسيق الذي ينعكس إيجابًا على تجربة الحجاج، ما يجعل من مزدلفة نموذجًا رياديًا في التكامل التكنولوجي والبنية التحتية.