تراجع عالمي للذهب للجلسة الثانية فهل بدأ يفقد بريقه؟

تراجعت أسعار الذهب عالميًا للجلسة الثانية على التوالي، مما أثار تساؤلات حول استمرارية جاذبيته كملاذ آمن. مع تزايد شهية المستثمرين للمخاطرة نتيجة تحسن البيانات الاقتصادية الأمريكية وتأجيل بعض القرارات الجمركية العالمية، تقلص الإقبال على المعدن الأصفر. في هذا المقال، نستعرض أبرز عوامل انخفاض سعر الذهب وتأثير المؤشرات الاقتصادية والمفاوضات التجارية على الأسواق.

أسعار الذهب عالميًا

سجلت أسعار الذهب الفوري تراجعًا بنسبة 1.4% لتصل إلى 3,296.79 دولارًا للأونصة بعد أن شهدت ارتفاعًا بنحو 5% في الأسبوع السابق. كذلك، انخفضت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة بنسبة 2.1% مسجلة 3,296.10 دولارًا للأونصة، ويعود هذا الهبوط إلى تحسن شهية المستثمرين تجاه المخاطرة نظرًا للتطورات المستجدة في المفاوضات التجارية. وفقًا لما أشار إليه بارت ميليك، رئيس استراتيجيات السلع في TD Securities، فإن الأسواق تقرأ مؤشرات إيجابية تشير إلى تهدئة التوترات بين القوى الاقتصادية الكبرى، مما أدى إلى تراجع الطلب على الذهب كوسيلة تحوط.

المؤشرات الاقتصادية الأمريكية

شهد الاقتصاد الأمريكي تحسنًا ملحوظًا في ثقة المستهلكين، حيث ارتفع مؤشر ثقة المستهلكين إلى 98.0 نقطة خلال مايو، وهو أعلى مستوى خلال خمسة أشهر، مقارنة بتوقعات بلغت 87.1 نقطة فقط. يعزو الخبراء هذا التحسن الواضح إلى إعلان الرئيس دونالد ترامب تأجيل فرض رسوم جمركية جديدة على الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى هدنة تجارية مؤقتة مع الصين، مما خلق جوًا من الاستقرار النسبي في الأسواق. هذه الأجواء الإيجابية قللت من التوترات بين الأطراف الاقتصادية، ما انعكس سلبًا على الذهب كملاذ آمن وزاد جاذبية الأصول ذات المخاطرة.

تأثير المفاوضات التجارية

أكدت مصادر أوروبية أن مكالمة هاتفية بين الرئيس دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ساعدت في إعادة الثقة بالمفاوضات التجارية بين الجانبين. وتراجعت تهديدات فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الواردات الأوروبية، مما انعكس إيجابًا على توقعات نمو الاقتصاد العالمي. أثر هذا الاستقرار النسبي على توازن سوق الذهب العالمي، حيث شاهدنا المستثمرين يديرون أنظارهم نحو أصول أخرى وسط توقعات بتحقيق تقدم ملحوظ على صعيد الاتفاقيات.

الدولار الأمريكي وتأثيره على الذهب

تعرض الذهب لمزيد من التراجع نتيجة الانتعاش الملحوظ في قيمة الدولار الأمريكي، الذي شهد قفزة بالتزامن مع ارتفاع العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأمريكية. حيث يُعتبر الذهب أصلًا مقومًا بالدولار، وعليه فإن ارتفاع العملة الأمريكية يجعل الذهب أكثر تكلفة بالنسبة للمستثمرين الذين يتعاملون بعملات أخرى. في هذا السياق، دعا رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، نيل كاشكاري، إلى تثبيت أسعار الفائدة مؤقتًا لتمكين الأسواق من تقييم تأثير الرسوم الجمركية على التضخم.

النظرة المستقبلية للذهب

رغم الانخفاض الحالي في أسعار الذهب، ما زالت التوقعات على المدى الطويل إيجابية. بالنسبة إلى ميليك، فإن استعادة الذهب لقوته مرهونة بتحول سياسات الفيدرالي الأمريكي وتوجهه لخفض أسعار الفائدة. إلى جانب ذلك، تترقب الأسواق صدور بيانات اقتصادية رئيسية، بما فيها تقديرات الناتج المحلي الإجمالي وطالبات البطالة الأسبوعية، مما يسلط الضوء على مدى تأثير هذه المعطيات على تحركات أسعار الذهب المستقبلية.