«تحليل خاص» إعادة تشكيل الحكومة السودانية هل أربك الدعم السريع فعلاً

اختلط المشهد السياسي والعسكري في السودان مجددًا بعد تصاعد المواجهات بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، إذ أصبحت المعارك في كردفان ودارفور نقطة اشتعال أساسية، وقد زاد من تعقيد المشهد تشكيل حكومة جديدة في العاصمة الخرطوم بقيادة كامل إدريس بصلاحيات واسعة عقب تحرير العاصمة، بينما سعت ميليشيا الدعم السريع إلى تشكيل حكومة موازية برئاسة عبدالعزيز آدم الحلو دون تحقيق نجاح فعلي.

الصراع السياسي بين الحكومة الجديدة والدعم السريع

يشير اللواء الدكتور أمين إسماعيل مجذوب، خبير إدارة الأزمات، إلى أن تعيين كامل إدريس رئيسًا للوزراء بصلاحيات كاملة كان بمثابة مفاجأة بالنسبة لميليشيا الدعم السريع، الأمر الذي دفعهم للإسراع إلى الإعلان عن حكومة موازية برئاسة عبدالعزيز آدم الحلو، غير أن هذا القرار يُنظر إليه باعتباره خطوة غير مكتملة لعدة أسباب، منها عدم وجود عاصمة معترف بها لهذه الحكومة، بجانب افتقادها الدعم القومي والإقليمي وعدم وجود موارد تتيح الفرصة لبناء وجود سياسي فعلي؛ ما جعلها توصف بأنها حكومة وُلدت ميتة.
يُعد تشكيل حكومة الدعم السريع محاولة واضحة لفرض ورقة ضغط مستقبلية خلال أي مفاوضات سياسية برعاية دولية، خاصة الأمريكية، وهو أمر أشار إليه خبراء بوضوح بعد التحركات الأخيرة التي أثارت تساؤلات واسعة بشأن الأهداف المبطنة لهذا الكيان السياسي الوليد، لكن انعدام التأييد الشعبي والدعم الدولي يجعل شرعية هذه الحكومة موضع شكوك واسعة.

المشهد العسكري في كردفان ودارفور

على الصعيد العسكري، تُظهر القوات المسلحة السودانية تقدماً ملحوظاً في مناطق النزاع، حيث استعادت السيطرة على مواقع استراتيجية في كردفان وضيقت الخناق على ميليشيا الدعم السريع في عدة مواقع مثل مدينة النهود والدبيبات، ويؤكد اللواء أمين مجذوب أن الجيش السوداني أظهر تكتيكات ذكية خاصة في جنوب كردفان، حيث حقق خدعة عسكرية بمفاجأة عناصر الدعم السريع وتفريق تشكيلاتهم، ما كشف عن تراجع قوات الميليشيا بعد الخلافات المتزايدة بينها وبين القبائل التي كانت تقدم لها المساندة.
يشدد الخبير العسكري على أن ميليشيا الدعم السريع تواجه وضعاً صعباً في كردفان بسبب غياب القوة البشرية والدعم اللوجستي، كما أن تدهور العلاقة بينها وبين الجهات المحلية زاد من عُزلتها، وبينما تسعى الميليشيا لإطلاق تصريحات إعلامية تصف بأنها حرب نفسية لجذب الانتباه العالمي، يظل الجيش السوداني متقدماً في العمليات الميدانية ويسيطر على زمام الأمور في هذه المناطق الحساسة.

التحديات أمام ميليشيا الدعم السريع في دارفور

في دارفور، تتعرض ميليشيا الدعم السريع لضغوطات متزايدة، لا سيما في الفاشر التي أصبحت ساحة المعارك الجديدة، إذ أن الجيش السوداني لم يكتف بالعمليات القتالية فقط، بل حرص أيضاً على إدخال مساعدات إنسانية لسكان المناطق المتضررة، ما عزز من شعبيته، ويُبرز المراقبون أن تعثر الدعم السريع في تعزيز موقعها العسكري في الإقليم يفاقم من التحديات التي تواجهها، خاصة بعد خسارة أجزاء كبيرة من قوتها البشرية التي تحولت إلى قبائل معارضة.
بات واضحاً أن الأوضاع الحالية تعكس انحداراً مستمراً لميليشيا الدعم السريع، إذ أن محاولاتهم لتوسيع نفوذهم لم تُثبت فعاليتها في مناطق الوسط والشرق، وهو ما أكده الخبراء عند وصف تصريحاتهم المتكررة على أنها مجرد شو إعلامي يفتقر للواقعية، وهو أمر يدركه الشارع السوداني جيدًا ويزيد من الاصطفاف الداخلي حول الجيش السوداني.