«اكتشف الآن» دمشق تاريخ المدينة كما لم تعرفه من قبل

دمشق، المدينة التي شهدت على مر العصور حضارات متجددة، تقف اليوم في مفترق طرق، تحاول أن تتشبث بالحياة رغم مرورها بظروف صعبة وغير مسبوقة، فمنذ اندلاع الأزمة السورية، تعيش دمشق حالة من الانقسام بين عراقة ماضيها وثقل حاضرها الذي يمتزج بالوجع والانكسار، وبرغم ذلك فإنها لا تزال صامدة تكافح للبقاء، حيث يعاني سكان دمشق يومياً من أزمات اقتصادية خانقة، تروي وجوهاً منهكة وقصصاً حزينة عن البقاء في قلب هذه المدينة.

الحياة اليومية في دمشق

في شوارعها القديمة، يظهر الواقع المؤلم لأي زائر، تجد المتاجر شبه خاوية، والتجار جالسين بانتظار زبون قد لا يأتي، الرواتب بالكاد تكفي لعدة أيام، والأسعار ترتفع بلا توقف، مما يدفع العديد من العائلات إلى بيع ممتلكاتهم الشخصية كتأمين لمتطلباتهم اليومية، كما يتخذ آخرون خيار الهجرة الخطير أملاً في إيجاد حياة كريمة في دول أخرى، في الوقت نفسه يعاني الكثير ممن بقوا من الافتقار لمصادر رزق مستقرة، يعيشون في اضطراب دائم على أمل الحصول على فرصة لتحسين معيشتهم.

الأطفال والواقع المؤلم للطفولة

لم يعد بإمكان الأطفال في دمشق الاستمتاع ببراءة المرحلة العمرية كما كان من قبل، ففي الوقت الحالي، يمكن رؤية الأطفال يعملون في الشوارع، يبيعون العلكة أو يمسحون أحذية المارة، التعليم تحول إلى رفاهية لا يستطيع الكثيرون تحمل تكاليفها، كما أن المدارس تعاني من أزمات مزمنة مثل نقص الكوادر، وتحول بعضها إلى مراكز إيواء، بينما تهدد الظروف الاقتصادية بانهيار قيم الطفولة في مجتمع يُصارع من أجل الاستمرار.

تدهور المرافق والخدمات في دمشق

الخدمات الأساسية في دمشق أصبحت شبه معدومة، فالكهرباء تأتي لساعات متقطعة، وأحيانًا تغيب لأيام، بينما انقطاع المياه بات أمرًا معتادًا، أما وسائل النقل فتعاني من ازدحامات خانقة وارتفاع تكاليف لا يطاق، تجعل حركة التنقل تحديًا يوميًا إضافيًا يثقل كاهل السكان، يوصف الحال بأنه أزمة شاملة طالت كافة القطاعات الحيوية التي قادت يومًا ما المدينة إلى أن تكون مثالاً للتقدم التنظيمي.

الفساد والاستغلال في مفاصل الحياة

الفساد أصبح جزءًا يوميًا من واقع الحال في دمشق، حيث لا يمكن إنجاز معاملة رسمية أو الحصول على خدمة دون دفع رشوة، إلى جانب ذلك، تشهد المدينة استغلالاً في القطاعات الأساسية مثل الغذاء والدواء والمحروقات، مما أدى إلى احتكار تلك المواد بفعل جشع التجار وأصحاب النفوذ، وهو ما زاد من معاناة سكانها الذين باتوا يتحملون أعباء تفوق قدرتهم على الاحتمال.

أزمات الهوية والانتماء

فقدت دمشق قدرتها على احتواء كافة أبناءها، حيث يترنح الجيل الجديد بين مشاعر الانفصال والانتماء الهش، الجيل الأكبر لا يزال يستعيد ذكريات الماضي الجميل حينما كانت المدينة ملاذ الثقافة والفنون، أما اليوم فقد أصبحت في حالة تفكك، وهو ما انعكس على هوية سكانها وانتمائهم إليها، يغادر الكثيرون بحثًا عن بدايات جديدة، بينما يبقى آخرون رغم كل الصعوبات فقط لأنهم أجبروا على ذلك.