«تحليل حصري» سوق الذهب هل الصين أم ترامب وراء الاضطرابات الأخيرة؟

تشهد أسعار الذهب تقلبات دائمة بين الارتفاع والانخفاض، حيث أصبح المعدن النفيس من أكثر الأسواق تأثراً بقرارات السياسة العالمية، وخاصة مع تصاعد الأحداث وتغير ديناميكيات القوى الاقتصادية المؤثرة في الأسواق العالمية، وقد حدث ذلك بشكل ملحوظ في بداية العام، إذ تزامنت الزيادة الحادة في أسعار الذهب مع تسلّم الرئيس الأمريكي الجديد مهامه، حيث اتخذ قرارات مفاجئة أثّرت على الأسواق المالية والتي شملت الذهب بشكل خاص.

أسعار الذهب وتأثير الاتفاق التجاري الصيني الأمريكي

شهدت أسعار الذهب ارتفاعاً ثم انخفاضاً ملحوظاً بعد إعلان الدولتين الصين وأمريكا عن الوصول لاتفاق تجاري، حيث أدى ذلك إلى موجة من الاستقرار النسبي في الأسواق التي كانت تشهد تذبذباً حاداً، إلا أن هذا الاتفاق جاء كمفاجأة نظراً للعلاقات المتوترة بين الطرفين، لا سيما بعد سلسلة القرارات الضريبية المفروضة على السوق والتي غيرت ديناميكيات التجارة الدولية، ومع ذلك فإن هذا الاستقرار لا يزال هشاً نتيجة التوترات المستمرة بين القوتين الاقتصاديتين الكبرى.

سياسات الصين الاقتصادية وتأثيرها على الذهب

لا يُخفى أن أسعار الذهب ترتبط ارتباطاً وثيقاً بسياسات الصين الاقتصادية، إذ تعتبر الصين أكبر مستورد ومستثمر في الذهب على مستوى العالم، وتشير التقارير الصادرة عن “مجلس الذهب العالمي” إلى أن الصين استحوذت على معظم الطلب العالمي على الذهب خلال السنوات الماضية، كما شهد الربع الأول من العام الحالي نمواً هائلاً في الطلب من قِبَل دول جنوب شرق آسيا مثل سنغافورة وماليزيا وإندونيسيا وتايلاند، مما يؤكد على التأثير الكبير الذي تلعبه الصين في تحديد مسار أسعار هذا المعدن النفيس.

زيادة الطلب على الذهب في السوق الصينية

أظهرت الإحصائيات المحلية من “الجمعية الصينية للذهب” أن هناك ارتفاعاً بنسبة 30% في شراء السبائك والعملات الذهبية خلال الربع الأول من العام الحالي، وهذا النمو يعزز قوة الصين الاقتصادية التي تعتمد بشكل كبير على الذهب كملاذ آمن لتأمين مدخراتها الوطنية، كما يدعم البنك المركزي الصيني هذا التوجه من خلال توعية المواطنين بأهمية الاستثمار في الذهب، وقد أدى ذلك إلى تنمية عمليات الشراء من القطاع العام والخاص، مما ساهم في زيادة الضغط على الأسواق العالمية.

أسباب الارتفاع العالمي في أسعار الذهب

من المهم ملاحظة أن أسعار الذهب ليست فقط معتمدة على قرارات فردية مثل السياسة الأمريكية، بل تلعب الصين دوراً محورياً في الهيمنة على سوق الذهب العالمي، فإذا ارتفعت أسعار السلع في الأسواق بشكل ملحوظ ولا توجد عوامل واضحة من الدول المصدرة، يمكن الافتراض بوجود دور مباشر للصين في هذا الأمر، فهي تمتلك القدرة على التحكم في التوريد والطلب بشكل يؤثر على الاقتصادات الأخرى بشكل غير مسبوق.

الصين وسر التحكم في السوق العالمية

تساهم سياسة الصين في جعل الذهب أحد أقوى أدواتها الاقتصادية للتأثير على الأسواق الدولية، وتحقيق الاستقرار المحلي، إذ يعتبر الذهب ملاذاً آمناً ليس فقط من ناحية الاستثمار الشخصي للمواطنين، ولكن أيضاً كدعامة قوية تساند الاقتصاد الوطني في مواجهة التحديات، ويمكن القول إن الصين تتمتع بتأثير كبير على الاقتصاد العالمي من خلال إدارتها القوية للطلب والعرض على هذا المورد النفيس.