سد الذرائع: أداة لضبط المقاومات في السياق الاستعماري
عبر تاريخ الكفاح ضد الاستعمار، اعتمد المستعمرون على أساليب متعددة بهدف قمع حركات التحرر وإضعاف إرادتها الشعبية. لم تقتصر هذه الأساليب على البطش المباشر أو السيطرة العسكرية، بل تضمنت استراتيجيات أشد تعقيدًا مثل تحوير الوعي الجماعي للشعوب المقاومة. إحدى هذه الأدوات هي “سد الذرائع”، التي تُستخدم لتقييد أي نشاط تحرري تحت ذريعة تجنب الفوضى أو منع التصعيد.
سد الذرائع كآلية استعمارية في ضبط المقاومة
سياسة “سد الذرائع” لم تكن حصرًا على الحالة الفلسطينية، بل شكّلت أداة استعمارية عامة في منع تنامي الوعي الوطني لدى الشعوب المحتلة. من خلال منع التعليم الوطني وتجريم الصحافة الحرة، تأكد الاستعمار من تغييب الأصوات التحررية التي تحمل القضية الوطنية. ففي الجزائر مثلًا، بررت فرنسا قمع المقاومة المسلحة بحجة “الحفاظ على النظام”، وفي جنوب أفريقيا، استُخدمت الحجج القانونية لقمع السود. كما عمد البريطانيون في الهند إلى الترويج لفكرة أن المقاومة تُعد رجعية تهدد الاستقرار.
ما يميز سياسة “سد الذرائع” هو قدرتها على ربط السيطرة الجسدية بالسيطرة الذهنية، فتتحول المقاومة من فعل شرعي إلى موضوع إدانات مجتمعية، مما يعمّق الهيمنة السياسية والثقافية للمستعمر. أدبيات منظّري ما بعد الاستعمار كإدوارد سعيد وفرانز فانون انتقدت هذا النهج بشدّة، مشيرة إلى أن التحرر يبدأ بإفشال هذه الإستراتيجية وإعادة الوعي الجمعي إلى أصله القائم على حق تقرير المصير.
إعادة التأطير التحرري لمفهوم سد الذرائع
سياسة “سد الذرائع” ليست مرفوضة كليًا في سياق الكفاح التحرري، ولكنها تحتاج إلى إدارة واعية ومتناغمة مع إستراتيجيات النضال الشاملة. ففي جنوب أفريقيا، وحتى الجزائر، طُبقت في بعض الحالات تحت شرط توظيفها كإجراءات مرحلية وليست دائمة. هذا التوظيف المتوازن يؤكد أهمية قراءة الواقع النضالي بحذر وذكاء، حيث يبقى الهدف هو تحجيم قوة الاحتلال وليس تحجيم حركة المقاومة.
أحد الأخطاء الشائعة في تطبيق “سد الذرائع” هو الالتزام الحرفي والمطلق به، مما يحوّله من أداة تكتيكية إلى قيد دائم يعيق تطور المشروع النضالي. التحدّي يكمن في تحويل هذا المفهوم من إجراء وقائي إلى إستراتيجية ديناميكية تمنح المقاومة الشعبية القدرة على التأثير بأقل كلفة سياسية، مع الحفاظ على زخم التحرر.
سد الذرائع في القضية الفلسطينية: حجر عثرة أمام المقاومة الشعبية
في السياق الفلسطيني، سياسة “سد الذرائع” أصبحت أكثر تعقيدًا، حيث أثّرت على العمل الشعبي والجماهيري. استخدمت السلطة هذه السياسة لتجنب التصعيد الأمني أو الدخول في صدام مباشر مع الاحتلال، لكن هذه الإستراتيجية أعطت الاحتلال مساحات واسعة لتعزيز مشروعه الاستيطاني من دون رادع حقيقي. فقد تحولت القيود المفروضة على الحراكات الشعبية، مثل المظاهرات أو الاحتجاجات، إلى أسلوب إضعاف للمقاومة بدلًا من تقويتها.
كذلك، لم تستثمر القيادة الفلسطينية ملفات حساسة مثل محاكمات الاحتلال دوليًا أو توثيق جرائم الحرب بشكل فعال. تلك الفرص الضائعة أضعفت الاستثمار في الضغط الدولي، وهو ما أعطى للاحتلال فرصة لتعزيز سياسة الإفلات من العقاب.
1. التضييق على الاحتجاجات واستنزاف روح المقاومة الجماهيرية
2. التردد في استخدام آليات القانون الدولي لمواجهة الاحتلال
3. عدم تعزيز التحالفات مع حركات التحرر العالمية بسبب تبني خطاب مهادن
4. فشل في إحياء الرموز الوطنية كمنطلقات لشرعية المقاومة
على غرار ذلك، فإن استمرار التمسك بهذه السياسة يؤدي إلى عزل القضية الفلسطينية عن سياقها التاريخي والنضالي الأممي، مما يضعف من فاعليتها على المسرح الدولي.
في النهاية، بناء مشروع تحرري متماسك يحتاج إلى التخلّي عن السياسات التي تكبل المقاومة. سد الذرائع ينبغي أن يتحول إلى إستراتيجية واعية تستخدم بفعالية لتقوية الحراك الشعبي والدبلوماسي، وليس لتكبيله، وعلى القيادة الفلسطينية أن تدرك أن كسر هذا الحصار الداخلي والخارجي يبدأ بإطلاق إرادة جماهيرها، لا برهنها وفق مقتضيات الاحتلال.
أوبتا توضح.. هل يتمكن ليفربول من تحقيق الثلاثية هذا الموسم؟
«عيار 24» يقفز لمستوى قياسي جديد.. أسعار الذهب اليوم في مصر
«طوارئ جوية».. مياه سيناء ترفع الاستعدادات لمواجهة التقلبات والعواصف الترابية
بيراميدز يتأهل لنصف نهائي أبطال إفريقيا لأول مرة بعد انتصاره على الجيش الملكي
«سر جديد» تردد قناة atv التركية دراما 2024 اضبط قناتك واستمتع بأقوى المسلسلات
مش هتصدق.. الأهلي اتفق مع الشناوي وربيعة وبيفاوض إمام عاشور لتجديد عقده
عزاء شقيق إيمان البحر درويش يُقام الليلة في الإسكندرية
صادرات الذهب تسجل قفزة تاريخية.. رئيس الشعبة يوضح الأسباب بالربع الأول 2025