دحول الصمان تكشف أسرار واحة خضراء تاريخية وسط السعودية منذ 8 ملايين عام

تشكل الكهوف الجيرية في منطقة دحول الصمان سجلًا تاريخيًا استثنائيًا يكشف عن واحة خضراء كانت تزين الجزيرة العربية قبل ملايين السنين، وفقًا لدراسة أعلنها خبراء هيئة التراث السعودية. هذا الكشف العلمي يعيد تشكيل الفهم السائد عن الماضي المناخي والجغرافي للمملكة، ويعزز مكانتها كمركز للدراسات البيئية العالمية.

دحول الصمان: تشكيل طبيعي وسر تاريخي

دحول الصمان عبارة عن كهوف طبيعية تقع شمال شرق الرياض، وتتميز بتكويناتها الجيرية التي تشمل الصواعد والهوابط. هذه التكوينات تعمل كأرشيف طبيعي يحفظ سجلات مناخية منذ ملايين السنين. وقد نجح العلماء باستخدام أدوات تحليل متقدمة في فك رموز هذه التشكيلات لإعادة بناء الظروف المناخية التي مرت بها المنطقة.
اكتشف الباحثون دلائل على فترات خصبة شهدت غطاء نباتيًا كثيفًا وهطولًا مطريًا غزيرًا، ما يجعل الصمان شاهدًا فريدًا على تاريخ الجزيرة العربية الخصب.

تفاصيل الدراسة: عصور رطبة في تاريخ الجزيرة العربية

في مؤتمر صحفي، أُعلن عن نتائج دراسة استمرت لفترات طويلة، حللت 22 تكوينًا كهفيًا عبر 8 ملايين سنة باستخدام تقنيات مبتكرة، مثل:

• تحليل الكربون والأكسجين لتقدير الرطوبة.
• تحديد التواريخ بدقة باستخدام تقنية اليورانيوم-الثوريوم.
• تحليل طبقات الترسيب لتفسير التحولات البيئية.

نتائج هذه الدراسة، التي نُشرت في مجلة “نيتشر”، أكدت أن السعودية كانت محطة بيئية غنية بالأنهار والبحيرات، مما دعم تنوعًا بيولوجيًا يشمل تماسيح، أفراس نهر، وغزلان بريّة.

مشروع الجزيرة العربية الخضراء وأهميته

يأتي هذا الاكتشاف ضمن مشروع “الجزيرة العربية الخضراء” الذي يهدف إلى:

1. توثيق تطور المناخ والبيئة في شبه الجزيرة.
2. فهم الارتباط بين التغيرات المناخية والهجرات البشرية القديمة.
3. تعزيز البحث العلمي حول تطور الحياة في المنطقة.

كما أفادت الدراسة أن الجزيرة العربية كانت معبرًا بين آسيا، إفريقيا، وأوروبا، ما يفسر انتشار الإنسان والحيوانات في تلك الفترة.

إرث عالمي يعيد تشكيل التاريخ

تعد دحول الصمان مستودعًا طبيعيًا يوثق حقبًا خضراء أثرت في توزيع الكائنات الحية والهجرات البشرية. ومع هذا الإنجاز العلمي، تبرز السعودية كمنارة عالمية في دراسة التغيرات المناخية والتاريخ الطبيعي للجزيرة العربية.