«الذهب يلمع» في أفريقيا.. ارتفاع الأسعار يجذب الأنظار وسط فوضى الاقتصاد العالمي

تشهد الأسواق العالمية حالة من الفوضى وعدم اليقين نتيجة السياسات التجارية المتقلبة التي أثرت على الأنظمة الاقتصادية. وسط تلك التحديات، يُعتبر الذهب الملاذ الآمن الذي يلجأ إليه المستثمرون، لكن بالنسبة للعديد من الدول الأفريقية، أصبح الذهب أكثر من مجرد أداة للتحوط؛ بل يمثل فرصة اقتصادية يمكن من خلالها تعزيز الاقتصادات المحلية المتعثرة وإنقاذها من الأزمات المالية الحادة.

الذهب يعزز الاقتصاد في زيمبابوي

على الرغم من الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها زيمبابوي منذ أكثر من عشرين عامًا، استطاع الذهب أن يُحدث تحولًا إيجابيًا في اقتصاد البلاد. شهدت زيمبابوي ارتفاعًا بنسبة 61% في إنتاج الذهب خلال شهر أبريل مقارنة بالعام الماضي، ويُعزى ذلك إلى انخراط أعداد كبيرة من عمال التعدين الصغار في عمليات الإنتاج. هؤلاء العمال، الذين يشكلون العمود الفقري لصناعة التعدين في البلاد، أسهموا في استعادة نمو القطاع بشكل ملحوظ. وقد دفعت الحكومة باتجاه تعزيز هذه الصناعة من خلال إصدار عملات ذهبية تعرف بـ”موسي-أو-تونيا”، وذلك لمواجهة التضخم وانهيار العملة المحلية، ما يعكس دور الذهب في التحوط الاقتصادي.

غانا.. خطوات لزيادة الاحتياطيات الذهبية

غانا هي الأخرى استفادت من ارتفاع أسعار الذهب لتعزيز استقرارها الاقتصادي. حقّق قطاع صادرات الذهب في غانا نموًا بنسبة 60% خلال أول شهرين من العام الجاري، مما دعم احتياطيات البنك المركزي وأدى إلى استقرار العملة المحلية “السيدي”، التي أصبحت أكثر عملة أداءً أمام الدولار الأمريكي. يشير هذا التحسن إلى أن التنويع الاقتصادي والاستثمار في الذهب يمكن أن يُسهم في تخفيف أعباء الديون وتحقيق استقرار مالي نسبي، كما أتاح أرباحًا إضافية دعمت الاقتصاد المحلي.

ناميبيا.. الذهب كأداة للتحوّط

انضمت ناميبيا إلى ركب الدول الأفريقية التي تعتمد على الذهب كوسيلة للتحوط وحماية الاقتصاد من الصدمات. الحكومة الناميبية، مثل العديد من البنوك المركزية حول العالم، لجأت إلى تعزيز احتياطيات الذهب واستغلال ارتفاع أسعار المعدن الأصفر لتحقيق مكاسب سريعة. هذه السياسة أظهرت نجاحًا واضحًا ووفرت عائدات إضافية، مما يثبت الدور الحيوي للذهب كعنصر استراتيجي في حماية اقتصادات الدول النامية من التقلبات الخارجية.

إن الاستثمار في الذهب أصبح أداة فعّالة لكثير من الدول الأفريقية لتحقيق مكاسب قصيرة الأمد، لكنه بالتأكيد ليس نهاية المطاف. يبقى التحدي الأكبر هو ضمان استدامة هذه المكاسب عبر تطوير برامج استثمار طويلة الأجل تُلامس احتياجات الشعوب، وتسهم في تقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية، مع التركيز على تطوير البنية التحتية والصناعة. فبهذه الطريقة، لن يصبح الذهب فقط ملاذًا آمنًا، بل سيكون محركًا حقيقيًا لتغيير إيجابي ومستدام.