«ضغوط سياسية» تدفع الدبيبة لمواجهة تحديات تشكيل حكومة جديدة في ليبيا

يشهد المشهد السياسي الليبي تصاعداً كبيراً في التوترات بسبب الخلافات حول تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة، وسط دعوات متنوعة لإنهاء حالة الجمود وتنفيذ إصلاحات اقتصادية وسياسية تضمن الاستقرار، إذ أكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح أهمية تشكيل حكومة جديدة، مؤكداً أن تحقيق ذلك لا يتعارض مع تنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية في يوم واحد؛ ما يجعل هذا الملف محوراً رئيسياً للمرحلة القادمة.

المشهد السياسي الليبي يشهد تصعيداً حول تشكيل الحكومة الجديدة

منذ سحب الثقة عن حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في سبتمبر 2021، ظل مطلب تشكيل حكومة جديدة يتكرر من قبل مجلس النواب، حيث قام بدعوة المرشحين لتقديم ملفاتهم في يوليو 2024، في خطوة تعكس التصعيد المستمر في الساحة السياسية، وخلال ذلك، عقدت البرلمان جلسات حاسمة في بنغازي لمناقشة الملفات المرتبطة بالتشكيلة الحكومية الجديدة وسط سياقات معقدة من الانقسامات، والضغوط الشعبية والمواقف الدولية المختلفة؛ مما يزيد من صعوبة اتخاذ قرارات موحدة تنهي هذا الوضع الحرج.

من ضمن القضايا التي طرحت خلال هذه الاجتماعات، الهيكلية المقترحة للميزانية العامة للعام 2025 والتي بلغت قيمتها 174 مليار دينار، إضافة إلى حزمة إصلاحات تستهدف إنقاذ الاقتصاد، وكذلك مراسيم رئاسية مثيرة للجدل صادرة عن المجلس الرئاسي، والتي أحدثت انقساماً واسعاً بين الأطراف الليبية المتصارعة، حيث يراها البعض مخرجاً من الجمود، في حين يعتبرها آخرون تجاوزاً للصلاحيات يستهدف أهدافاً سياسية.

الاحتجاج الشعبي يزيد الضغوط على حكومة الدبيبة

في مدينة مصراتة ومن مناطق أخرى، فقد تصاعدت الاحتجاجات الشعبية، حيث خرج مئات المواطنين للتعبير عن استيائهم من تردي الظروف المعيشية وتفاقم الأزمة الاقتصادية في ظل اتهامات موجهة للحكومة بالفساد وسوء الإدارة، وأوضح مراقبون أن هذه الاحتجاجات لا تعكس فقط مطالب اقتصادية، بل تحمل أيضاً إشارات قوية إلى حالة الاستياء العام من فشل المسار السياسي وغياب توافق حقيقي بين القوى السياسية الليبية المختلفة، ما يجعل تشكيل حكومة محايدة مطلباً ضرورياً لضمان تنظيم انتخابات عادلة.

النائب علي الصول أكد أن الاتفاق مع مجلس الدولة على إنشاء حكومة موحدة يمثل أولوية حالية لابد من تسريعها، لتجاوز المراحل الانتقالية والوصول إلى حالة استقرار سياسي شامل، بينما انتقد مواقف الأمم المتحدة ممثلة ببعثتها لإحباط المبادرات الوطنية لصالح أجندات خارجية؛ مما يعقد الوضع أكثر داخل ليبيا.

بعثة الأمم المتحدة تواجه انتقادات متزايدة في ليبيا

تصاعدت الاتهامات الموجهة لبعثة الأمم المتحدة في ليبيا بقيادة هانا تيتيه، حيث دعا تجمع الأحزاب الليبية لإعادة النظر في دورها بوصفه “منحازاً” ولا يخدم السيادة الليبية، وفي بيان صارم، أبدت الأحزاب نقداً شديد اللهجة لدور البعثة في تجاهل المبادرات المحلية، متهمة إياها بالترويج لأجندات تجدد الأزمة عوضاً عن حلها، وأضاف التجمع أن الحلول المحلية وحدها ستحقق التوافق المطلوب بعيداً عن الضغوط الخارجية.

في هذا المناخ السياسي والاقتصادي المتأزم، يبقى مصير المشهد الليبي معلقاً على مدى قدرة الأطراف السياسية على تقديم حلول توافقية تعيد الأمور إلى مسارها الصحيح، خصوصاً مع الحاجة الملحّة لإجراء انتخابات شاملة تُنهي الفوضى وتحفظ وحدة البلاد واستقرارها.