«تصريحات مثيرة» قيادي في الانتقالي الجنوبي: التحول نحو الاستقلال ليس مستحيلاً

تشهد الساحة اليمنية اليوم حالة من التباين الواضح في آليات تطبيق العدالة مقارنة بالعقود الماضية، حيث انتقل الوطن من مرحلة صعوبة تنفيذ أوامر القبض إلى زمن أصبح فيه إصدارها أداة سياسية لتصفية الحسابات، ويُثير القيادي أحمد عقيل باراس من “الانتقالي الجنوبي” تساؤلات حول مصير العدالة والقانون وسط حالة من التوترات والانقسامات بين الشمال والجنوب.

التباين في تطبيق العدالة بين الماضي والحاضر

في عهد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، كان إصدار أوامر القبض القهرية ضد معارضي “الحراك الجنوبي” صعبًا ويخضع لمعايير وضغوطات سياسية، وفق تصريحات أحمد عقيل باراس، القيادي في المجلس الانتقالي الجنوبي. أشار باراس إلى أن النيابات العامة في ذلك الزمن كانت تضم أعضاءً من الشمال، مما ساهم في حماية النشطاء الجنوبيين من الملاحقة المباشرة؛ وأوضح أن تلك الحقبة بالرغم من عيوبها كانت تتمتع بدرجة من الحيادية المؤسسية. ويربط باراس ذلك بالخلافات التاريخية بين الشمال والجنوب التي اندلعت نتيجة للأحداث السياسية منذ عام 2007 وصولاً إلى التوترات التي سبقت توقيع اتفاق الرياض في عام 2019.

تحوّل العدالة إلى أداة سياسية في الوقت الراهن

بحسب القيادي باراس، يشهد الجنوب تحوّلاً خطيراً حيث يتم تسييس العدالة واستخدامها كأداة لتصفية الحسابات السياسية والانتقام من المعارضين، وأصبح من السهل إصدار أوامر قبض قهرية من دون رقابة مؤسسية، مما يمثل تهديداً لاستقرار الجنوب. وقدم باراس رؤيته حول الخطورة الكامنة في هيمنة الأفراد على القرارات القانونية، حيث أشار إلى أن هناك انتهاكات لتطبيق العدالة من خلال استغلالها لخدمة أجندات شخصية. واعتبر أن أزمة الثقة العامة بالقضاء تحتاج إلى خطوات جادة من الإصلاح، خاصة أن هذه الحالة من الانزلاق القانوني تهدد بتضاعف التوتّرات الداخلية بدلاً من تعزيز الاستقرار السياسي والقانوني في كافة المناطق اليمنية.

الردود الرسمية والآفاق المستقبلية

الرؤية الرسمية لا تتفق مع تصريحات “الانتقالي الجنوبي”، ورفض المتحدث باسم الحكومة اليمنية التلميحات حول استغلال العدالة سياسيًا، معتبرًا أن القانون الوطني هو الرادع الأساسي للعمل وفق معايير العدالة، كما أشار الخبير القانوني أحمد سالم إلى أن هذه التصريحات تسلط الضوء على فقدان الشفافية والرقابة المؤسساتية، ما يتطلب جهوداً مضاعفة لاستعادة الثقة العامة. ومعظم الأطراف ترى أن الطريق الأمثل لتجاوز الأزمات هو تطبيق بنود اتفاق الرياض بكل تفاصيله، والابتعاد عن استخدام القضاء في النزاعات السياسية.

الوضع في اليمن اليوم معقد ومتداخل بشكل كبير، وفي ظل تدهور الأوضاع الأمنية والخدمات الأساسية، يبقى السؤال الأهم حاليًا هو كيف يمكن استعادة ثقة المواطن اليمني في العدالة كوسيلة لحماية الحقوق بدلاً من كونها أداة للصراعات السياسية؟ وقبل الإجابة عن ذلك، يبقى الحل بحاجة إلى عمل مؤسسي شفاف يعكس إرادة الجميع لتحقيق السلام.