«الثقافة» وقود الاقتصاد الجديد.. كيف تحولت إلى محرك للنمو؟

تعد المملكة العربية السعودية اليوم مركزاً ثقافياً نابضاً بالحياة، حيث يشهد القطاع الثقافي حراكاً غير مسبوق نتيجة لفصل وزارة الثقافة عن الإعلام، مما يعكس التزام القيادة بتطوير المنظومة الثقافية باعتبارها ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي والاجتماعي. يتضح ذلك من خلال تركيز الجهود على تعزيز الهوية الوطنية والمحافظة على التراث الثقافي وإبراز تاريخ المملكة الغني على الصعيدين المحلي والدولي.

دور القطاع الثقافي في تحقيق رؤية المملكة 2030

تسعى المملكة من خلال رؤية 2030 إلى تعزيز الدور المحوري للقطاع الثقافي كأحد المحركات الأساسية للنمو الاقتصادي. حيث تسهم مشاريع الاستثمار الثقافي في تحقيق عوائد اقتصادية ملموسة، فمن المتوقع أن يسهم القطاع بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، مدفوعاً بزيادة الإيرادات إلى أكثر من 75 مليار ريال وتوفير ما يزيد عن 100 ألف فرصة عمل. كما ترتبط هذه المساهمة برغبة المملكة في تحقيق التنمية المستدامة عبر الحفاظ على المعالم الثقافية مثل العلا والدرعية والمواقع المدرجة ضمن قائمة اليونسكو، والتي باتت وجهات سياحية عالمية تعكس هوية المملكة وتراثها العريق.

خطط وزارة الثقافة لتعزيز المشهد الثقافي

تعمل وزارة الثقافة في السعودية على تطوير القطاع عبر مجموعة من الخطط التي تشمل الاستثمار الحكومي والشراكات مع القطاع الخاص، حيث أنشأت الوزارة الصندوق الثقافي لدعم المشاريع الثقافية والفعاليات التي تعزز التنوع الثقافي والهوية الوطنية. إلى جانب ذلك، تُولي الوزارة أهمية لتطوير الكوادر البشرية من خلال برامج تعليمية مثل البعثات الداخلية والخارجية وبرامج التدريب الشاملة. كما تسهم هذه الجهود في تعزيز الشراكات مع المؤسسات الثقافية العالمية، مما يدعم تبادل المعرفة وإيجاد فرص تعاون جديدة.

أثر التنمية الثقافية على هوية المملكة والعالم

تتجلى أهمية الثقافة في دورها في تعزيز الهوية الوطنية للسعودية، إذ يبرز التوازن بين التقاليد والابتكار كنموذج يُحتذى به للعديد من الدول. يعزز هذا التوجه مكانة المملكة على الخارطة العالمية كمحور ثقافي رائد، حيث تسعى المشاريع الثقافية الكبرى إلى استقطاب السياح وعشاق الفن والتراث من شتى أنحاء العالم. كما أن هذه الجهود تنعكس إيجاباً على تعزيز الصمود الوطني من خلال تعريف العالم بثراء التراث السعودي، مما يترك أثراً قوياً على العلاقات الخارجية والتعاون الدولي.

بفضل الخطط الطموحة والجهود المتكاملة، أصبح من الواضح أن القطاع الثقافي في المملكة يسير بخطوات ثابتة نحو تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز الهوية الوطنية، مما يجعل هذه الجهود نموذجاً ملهماً للدول الأخرى الطامحة للنهوض بقطاعها الثقافي.