«الذهب» يهبط بقوة و«الحرب التجارية» تزيد الضغوط على أسعار النفط عالميًا

سجل الذهب تراجعاً في أسعاره للجلسة الثانية على التوالي اليوم، متأثراً بارتفاع سعر الدولار الأمريكي وتحسن نسبي في العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، مما ألقى بظلاله على سوق المعادن النفيسة. يأتي ذلك في وقت يراقب فيه المستثمرون بيانات اقتصادية حاسمة لتقييم الآفاق المستقبلية لأسعار الذهب والسياسات التجارية العالمية.

تراجع أسعار الذهب بسبب الدولار

شهد سعر الذهب انخفاضاً بنسبة 0.83% في الأسواق الفورية ليصل إلى 3290 دولاراً للأوقية، ما يعكس تراجعاً ملحوظاً بسبب ارتفاع مؤشر الدولار بنسبة 0.07%. أسهمت هذه العوامل في جذب المستثمرين نحو العملة الأمريكية التي أصبحت ملاذاً مالياً بديلاً للمعادن النفيسة. العقود الآجلة التي سجلت تراجعاً نسبته 1.46% لتصل إلى 3285 دولاراً، أكدت على التوجه العام نحو استقرار أسعار الذهب، خاصة مع انحسار المخاوف بشأن التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، حيث يتجه المعدن النفيس لتحقيق مكاسب شهرية تصل إلى 5.1% منذ بداية أبريل.

هذا التحول دفع المحللين مثل روس نورمان إلى الإشارة إلى دخول الذهب في مرحلة من التماسك الطبيعي، إذ تباينت حركة الشراء والبيع بشكل كبير مع ثبات مستويات الطلب والظروف الاقتصادية العالمية. بالمقابل، شهدت معادن أخرى كالفضة والبلاتين والبلاديوم تراجعات ملموسة في قيمها، مما أثر على الأداء العام لسوق المعادن النفيسة.

تأثير التوترات الاقتصادية على الذهب

في ظل استمرار الضبابية الاقتصادية، يترقب المستثمرون حالياً بيانات نفقات الاستهلاك الشخصي في الولايات المتحدة وتقرير الوظائف غير الزراعية المرتقب والذي يمكن أن يحدد مسارات الفائدة المستقبلية، ما يؤثر مباشرةً على أداء الذهب. ومع إعلان الولايات المتحدة مؤخراً عن قرارات لتخفيف الرسوم الجمركية على السيارات، تبدو الأسواق أكثر استقراراً نسبياً، ولكن القلق من تأثيرات الركود لا يزال قائماً.

وتشير تصريحات محللين لدى “كينيسيز مني” إلى أن التوترات السياسية والاقتصادية يمكن أن تشجع العودة إلى الاستثمار في الذهب كملاذ آمن. ارتفع الذهب سابقاً لمستوى قياسي 3500.05 دولاراً للوقية في أوقات ذروة الأزمات كدليل واضح على أهميته في أوقات عدم الاستقرار المالي، حيث يظل الطلب عليه خياراً بديلاً لتغطية المخاطر المالية الناجمة عن القرارات الاقتصادية الكبرى.

العوامل المؤثرة على أسعار النفط والذهب

على جانب آخر، شهدت أسواق النفط انخفاضاً كبيراً بالتزامن مع تراجع الذهب، حيث فقد خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط مستويات جديدة من قيمتهما بفعل زيادة المعروض وتراجع الطلب. تعكس هذه المؤشرات التأثير الكبير الذي تلعبه الحرب التجارية والتوترات الجيوسياسية في تشكيل حركة أسواق السلع الاستراتيجية. كما تشير التقارير إلى احتمال مواصلة تحالف أوبك بلس ضخ المزيد من النفط، مما يزيد من الضغوط على السوق العالمية بالتزامن مع انتشار سياسات تجارية حادة.

تفاقم هذه التطورات المخاوف من دخول الاقتصاد العالمي مرحلة ركود، ما يجعل السوق مضطربة وعرضة لتقلبات مستمرة. بالنهاية، تبقى أسعار الذهب مرتبطة بشكل كبير بمستوى التضخم واتجاه الدولار، مما يجعلها أداة استثمارية رئيسية للمستثمرين الباحثين عن الاستقرار المالي في أوقات عدم اليقين الاقتصادي العالمي.