«مثير للجدل» ترامب يعيد تشكيل نظام العالم خلال 100 يوم برؤيته “أميركا أولاً”

خلال أول مئة يوم من عودته إلى البيت الأبيض، أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب جدلًا واسعًا على الساحة الدولية عبر مجموعة من القرارات والسياسات التي قلبت نظام الحكم العالمي الذي رعته واشنطن منذ الحرب العالمية الثانية، حيث أعادت هذه السياسات تشكيل العلاقات الدولية وأثرت على توازن القوى العالمية بطرق غير مسبوقة، وفقًا للتقارير والتحليلات التي أجرتها وكالة رويترز وعدد من المسؤولين والدبلوماسيين الدوليين.

سياسة أميركا أولًا وتأثيراتها العالمية

اعتمد ترامب سياسة “أميركا أولًا” التي أوجدت حالة استقطاب الدولي، حيث خفض المساعدات الأميركية الخارجية ووجه انتقادات حادة للحلفاء التقليديين كحلف شمال الأطلسي (الناتو)، مما دفع الدول الأوروبية إلى تعزيز دفاعاتها بشكل مستقل، كما بدأ النقاش في كوريا الجنوبية حول إمكانية تطوير برنامج نووي محلي، وراجعت كندا علاقاتها الاقتصادية والأمنية مع أوروبا نتيجة تضاؤل الثقة بالولايات المتحدة كشريك موثوق، بالإضافة إلى ذلك، أدت خطوات ترامب مثل اقتراح ضم جزيرة جرينلاند والسيطرة على قناة بنما إلى تكثيف الاحتكاكات مع الحلفاء وخلق بيئة محفزة لخطوات عدائية من جانب قوى كبرى مثل الصين وروسيا.

التوتر الداخلي والتراجع الديمقراطي

على المستوى الداخلي، أضافت سياسات ترامب مزيدًا من التوتر إلى المشهد الأميركي مع تصاعد الهجمات على المؤسسات الديمقراطية، حيث واجه القضاء انتقادات لفظية، وشهدت الجامعات ضغوطًا سياسية، في حين زادت حملات الترحيل الصارمة التي دفعت بالمهاجرين إلى سجون سيئة السمعة، هذه التحركات عكست صورة متراجعة للديمقراطية الأميركية في عيون العالم، مما أثار قلقًا دوليًا واسعًا حول تصرفاته المؤثرة على الداخل وعلى الساحة الخارجية، وقد ظهر هذا القلق جليًا في استطلاع أجرته رويترز/إبسوس؛ حيث أشار نصف الأميركيين المستطلعين إلى ارتباط ترامب بسياسات مثيرة للجدل.

ردود الفعل العالمية على سياسات دونالد ترامب

في ظل هذه التغيرات، بدأت الدول الأوروبية والآسيوية العمل على تقليل اعتمادها على المظلة الأمنية الأميركية، حيث كثفت فرنسا وألمانيا إنفاقها العسكري بينما اتجهت الصين لاستغلال الفراغ الدولي لتعزيز نفوذها، وفي المقابل، وضعت دول مثل الاتحاد الأوروبي خططًا لفرض رسوم جمركية مضادة على الاقتصاد الأميركي إذا استمرت السياسات الحمائية الأميركية، أما الدبلوماسي آرون ديفيد ميلر، فقد حذّر من عمق الأضرار التي لحقت بالعلاقات الأميركية الدولية.

رغم كل ذلك، لا تزال هناك فرصة ليُغير ترامب وجهة سياساته وفقًا لبعض المحللين، إذ قد تؤدي الضغوط الداخلية من الحزب الجمهوري إلى إعادة النظر في بعض المواقف، مما قد يهدئ من المخاوف الدولية ويخلق أساسًا لبناء الثقة من جديد، ولكن في حال استمرار هذه النهج العدائي، فقد يجعل ذلك مهمة أي رئيس أميركي قادم أصعب بكثير لإصلاح الضرر وترسيخ النظام العالمي التقليدي.