«تأثير مذهل» للمؤسسات التعليمية في تشكيل الوعي.. تعرف على التفاصيل

التعليم هو أحد الأعمدة الأساسية لبناء أي مجتمع، فهو المحرك الرئيسي للتقدم والنهضة الحضارية. ومنذ عهد محمد علي باشا الذي أسس نظامًا تعليميًا حديثًا لتدعيم الدولة، مرورًا بالمراحل المختلفة للتعليم في مصر، كان دور التعليم محوريًا ولكنه ارتبط دومًا بتوجهات النظام السياسي السائد. هذا الرابط بين التعليم والسياسة أثر سلبًا على استقلالية الفكر والتطوير المجتمعي، مما أعاق تحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة الثقافية عبر الأجيال.

التعليم في عهد محمد علي ودوره في بناء الدولة

شهد التعليم في عهد محمد علي تطورًا ملحوظًا، إذ أصبح أداة لتحقيق أهدافه التوسعية، فحرص على النظام العسكري وتطويره عبر إرسال البعثات إلى أوروبا، وغلبت العلوم العسكرية والهندسية على المناهج الدراسية. كانت هذه البعثات ذات طابع خاص لأنها اختيرت من النخبة المقربة من أسرة الوالي، مما أدى لغياب التأثير الفكري والاجتماعي للعلوم، وترسيخ الاهتمام بالمواد الميكانيكية. هذا النظام خلق فجوة بين الحداثة في جهاز الدولة وغياب التنمية الفكرية للمجتمع، مما ساهم في استمرار التخلف الاجتماعي في مصر.

التعليم بين ثورة 1919 وثورة يوليو

شهد التعليم تحولات جذرية بعد ثورة 1919، حيث نصّ دستور 1923 على مجانية التعليم الأولي، وتم إنشاء جامعة القاهرة وجامعة الإسكندرية لتعزيز الدور الثقافي والفكري للمجتمع. ومع ذلك، ظلت القيود الاقتصادية والطبقية تمنع تحقيق التقدم المأمول. ومع ثورة يوليو 1952، تعززت مجانية التعليم على جميع المستويات، لكنها ظلت مقيدة بالتحكم السياسي، حيث أصبح التعليم أداة لحشد الأيديولوجيا وتأهيل القوى العاملة لخدمة النظام الحاكم، مما أدى لانعدام الصلة بين التعليم وقيم الديمقراطية.

أزمة التعليم وتحديات الحاضر

منذ السبعينيات، صار التعليم صورة تعكس السياسة النفعية والطبقية الاجتماعية. ظهرت كليات القمة والدروس الخصوصية، في حين تدهور دور المدارس الحكومية وباتت الجامعات الخاصة والأجنبية خيار الطبقات الثرية. تباينت أنظمة التعليم بين حكومية، أزهرية، وأجنبية، مما قسم المجتمع ثقافيًا وطبقيا؛ حيث يعاني خريجو الجامعات الحكومية من البطالة والتهميش في سوق العمل. محتوى المناهج من ناحية أخرى ظلّ خاضعًا لتوجهات السلطة السياسية، مُغيّبًا الإرادة الشعبية وممارسات حرية الفكر.

لتحقيق تقدم تعليمي حقيقي، يجب تحرير المناهج من النفوذ السياسي، وإسناد تطويرها إلى خبراء مستقلين بعيدًا عن الأجندات المختلفة. التعليم الناجح هو الذي يُنمّي الإبداع، يعزز التفكير النقدي، ويرسخ قيم الانتماء الوطني، رافضًا أي تمييز أو هيمنة فكرية، لتحقيق عدالة تعليمية واجتماعية تؤسس لوطن يتشارك فيه الجميع في بناء مستقبله.

العصر ملامح التعليم
عهد محمد علي تركيز على العلوم العسكرية والهندسية ودعم الهيمنة السياسية
عهد 1952 توسيع مجانية التعليم ولكن بهدف الحشد السياسي والإداري
الحاضر نمو التعليم الخاص والأجنبي، مع ضعف التعليم الحكومي