«غموض سني» يلف تشكيل نواة ائتلاف انتخابي جديد لبلدية بيروت

يتسم المشهد السياسي في بيروت بالغموض، خصوصًا فيما يتعلق بخارطة التحالفات البلدية في ظل عدم وضوح موقف الأغلبية السنيّة، وهو ما يدفع القوى الأخرى للتريث في اتخاذ قراراتها. يشمل ذلك الثنائي الشيعي، الممثل بـ”حزب الله” وحركة “أمل”، اللذين يسعيان لضمان المناصفة بين المسلمين والمسيحيين ضمن تشكيل المجلس البلدي للعاصمة، وذلك رغم الخلافات الطائفية والسياسية التي تخيم على الوضع.

التحديات أمام تحالف الثنائي الشيعي مع القوى السنيّة

يعد الموقف السني الملتبس أحد التحديات أمام تحالف الثنائي الشيعي مع الأغلبية السنية، حيث تتنوع المواقف في الشارع السني بين الانفتاح على التحالفات ومحاولة البعض الابتعاد عن التعاون مع “الجماعة الإسلامية”. وتشير مصادر إلى أن النائب نبيل بدر، الحليف الرئيسي للجماعة، يتواصل مع شخصيات وعائلات بارزة في بيروت، بينما يبحث في الوقت نفسه إمكانية الائتلاف مع التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل؛ مما يثير العديد من التساؤلات حول طبيعة هذه التحالفات وتأثيرها.

في هذا السياق، أكدت المصادر أن التيارات المسيحية قررت توحيد مواقفها بالدخول في ائتلاف واحد مع الأغلبية السنية والثنائي الشيعي، بهدف حماية المناصفة في المجلس البلدي وتجنب تفاقم الأزمة الطائفية. وتوضح المعطيات أن النائب فؤاد مخزومي يعمل بنشاط كبير لتشكيل لائحة مستندة إلى قاعدة سنية واسعة مدعومة من الأحزاب المسيحية.

التوافقات المسيحية ودورها في المناصفة البيروتية

تلعب التيارات المسيحية دورًا محوريًا في تحقيق المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في المجلس البلدي لبيروت، حيث أجمعت الجهات المعنية على ضرورة تحييد الخلافات السياسية لضمان استقرار العاصمة. وتمثل هذه الخطوة موقفًا إيجابيًا يسهم في تجاوز الخلافات لصالح التركيز على تشكيل مجلس بلدي يحافظ على الوحدة الوطنية. ومع انغلاق باب الترشح قريبًا، يرتقب أن تُعلن اللوائح المشتركة التي تعكس التوافق بين الأطراف المتحالفة.

وفي إطار التحالفات الجارية، يعمل عدد من الشخصيات السنية البارزة على تشكيل قوائم توافقية تضم التيارات الأخرى، بما في ذلك الثنائي الشيعي. ومن أبرز الأسماء المرشحة لرئاسة المجلس البلدي المهندس فادي درويش، الذي يُعد شخصية توافقية يمكنها جذب التأييد من مختلف الأطراف.

آفاق التعاون بين “الجماعة الإسلامية” والقوى السياسية

لا تزال إمكانية انضمام “الجماعة الإسلامية” وحليفها نبيل بدر إلى أي ائتلاف بلدي محل جدل، خاصة مع رغبة العديد من الأحزاب والتيارات المؤثرة في بيروت بإبقائها خارج هذا الإطار. وتأتي التحركات المتسارعة بقيادة شخصيات مثل النائب مخزومي للتواصل مع القوى الأساسية، بهدف خلق صيغة توازن بين التحالفات السياسية والطائفية. في المقابل، يسعى الثنائي الشيعي لاستقطاب قوى متعددة مع الالتزام بعدم الهيمنة على الحصة الشيعية في المجلس البلدي لإظهار مرونة واضحة.

تجدر الإشارة إلى أن التواصل بين “الثنائي الشيعي” والقوى المسيحية، بالإضافة إلى الأحزاب السنيّة البارزة، يُمثل بارقة أمل نحو تحقيق الحلول التوافقية المطلوبة لتجاوز حالة الجمود السياسي. ومن المتوقع أن تؤدي هذه التحالفات إلى تجنيب بيروت الوقوع في دوامة صراع طائفي قد يغيّر معالمها بالكامل.