«صدمة» ترامب: كيف أعاد رئيس «أميركا أولاً» تشكيل النظام العالمي؟

دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي السابق، أحدث خلال مئة يوم فقط من عودته إلى البيت الأبيض تغيرات سياسية هائلة أثرت بوضوح على النظام العالمي. شن ترامب حملات مثيرة للجدل تضمنت حروبًا جمركية وتخفيض المساعدات الخارجية مع انتقاده للحلفاء التقليديين في حلف شمال الأطلسي وتبنيه رؤى روسية بشأن الأزمة الأوكرانية. وطرحت أفكاره الجريئة مثل ضم جزيرة جرينلاند إلى الولايات المتحدة تساؤلات كبيرة حول أهداف سياسته الخارجية.

ترامب واضطراب النظام العالمي

سياسة “أميركا أولًا” التي يتبناها ترامب أدت إلى تغيير معادلة التحالفات الدولية بشكل غير مسبوق، حيث بدأ الحلفاء الذين طالما اعتمدوا على واشنطن في إعادة تقييم علاقاتهم بها. وفقًا لتحليل وكالة رويترز، وصف مسؤولون سابقون نهج ترامب بأنه أكثر تطرفًا وتعقيدًا مما كان متوقعًا. الانتقادات لم تتوقف عند السياسة الخارجية، بل شملت أيضًا أزمات داخلية متزايدة مثل الهجمات اللفظية ضد السلطة القضائية وحملات ترحيل المهاجرين. هذه الفوضى الداخلية أثارت قلقًا عالميًا ناجمًا عن انعدام الثقة بقدرة واشنطن على تقديم قيادة عالمية متزنة.

الدول الحليفة وتحديات إعادة بناء الثقة

الدول الأوروبية سارعت لتعزيز صناعاتها الدفاعية خشية تراجع الالتزام الأمريكي بحماية حلف شمال الأطلسي. في الوقت نفسه، بدأت دول مثل كندا وكوريا الجنوبية في التفكير بتطوير أسلحة محلية لتقليل الاعتماد على المظلة الأمنية الأمريكية. التحالفات الاقتصادية أيضًا تشهد تغيرات حادة، حيث تسعى كندا لتعزيز علاقاتها مع أوروبا، بينما يتحرك الاتحاد الأوروبي لفرض رسوم جمركية انتقامية ردًا على سياسات ترامب الحمائية. في آسيا، تثير تحركات ترامب الشكوك حول مصير الأمن والاستقرار، لا سيما في ظل خططه التي قد تشجع قوى كبرى أخرى مثل الصين على اتخاذ خطوات عدائية.

خطاب ترامب التوسعي وأثره على النفوذ الدولي

سياسة ترامب التوسعية أثارت جدلًا كبيرًا بعد اقتراحات مثل تحويل قناة بنما إلى ملكية أمريكية وضم جرينلاند إلى الأراضي الأمريكية. مثل هذه الأفكار، التي بدت أشبه بمحاكاة للسياسات الإمبريالية في الماضي، أدت لإثارة مخاوف كبيرة عالميًا، خاصة مع تعليقات وتحركات مستفزة تجاه كندا، غزة، والدنمارك. هذه الاستفزازات دفعت دولًا كثيرة إلى اتخاذ إجراءات وقائية لضمان مصالحها على المدى الطويل.

على الرغم من كل ذلك، يرى البعض أن هناك إمكانية لتعديل هذا المسار المثير للجدل. يمكن تحقيق ذلك من خلال ضغوط داخلية وخارجية قد تُمارس على ترامب لإعادة تقييم سياساته الدولية. مع ذلك، يبقى السؤال: هل يستطيع الرئيس المقبل، إذا فشلت إدارة ترامب الثانية في تحقيق التوازن المطلوب، إصلاح أزمة الثقة التي خلفتها هذه السياسات؟ الواضح أن العالم يعيش حالة غير مسبوقة من الترقب والحذر بسبب انعكاسات هذه التغيرات السياسية.