«تراجع تاريخي» للاستثمار الأجنبي بالسعودية يهبط لأدنى مستوى منذ 2020

أظهرت البيانات الاقتصادية الصادرة مؤخرًا أن تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية شهدت انخفاضًا حادًا في عام 2024، مما يعكس التحديات التي تواجهها المملكة في جذب المستثمرين الأجانب وتحقيق مستهدفاتها الاقتصادية. يأتي هذا التراجع على الرغم من الجهود الكبيرة لتطوير الاقتصاد غير النفطي من خلال مبادرات واسعة مثل رؤية 2030، التي تهدف إلى تعزيز القطاعات الجديدة وتوفير فرص استثمارية مختلفة.

تراجع الاستثمار الأجنبي المباشر بالسعودية وتأثير التحديات الاقتصادية

وصل الاستثمار الأجنبي المباشر في السعودية إلى أدنى مستوياته منذ عام 2020، حيث انخفض بنسبة 19% مقارنة بالعام السابق ليصل إلى 20.7 مليار دولار أمريكي. هذا التراجع يعكس التحديات الاقتصادية العالمية مثل تشديد السياسات النقدية وانخفاض السيولة، بالإضافة إلى التحديات الداخلية التي تواجهها الحكومة في جذب الاستثمارات. ويعد هذا الانخفاض الثالث على التوالي في السنوات الأخيرة، مما يبرز الفجوة بين الأهداف الاقتصادية التي وضعتها المملكة وبين التحديات الراهنة.

رغم هذه التحديات، تعتزم السعودية تحقيق أهداف طويلة الأجل تهدف إلى زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر تدريجيًا للوصول إلى أكثر من 100 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030. ويأتي هذا الهدف كجزء من الجهود الرامية لتنويع الاقتصاد وإعادة هيكلة موارده بما يتماشى مع الخطط المعلنة ضمن رؤية 2030.

رؤية 2030 ومحور تطوير الاقتصاد غير النفطي

تُعد رؤية 2030 محور الجهود السعودية لتنويع الاقتصاد وتعزيز الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي. تسعى الرؤية إلى تطوير قطاعات جديدة مثل السياحة، الترفيه، والصناعات التقنية، بالإضافة إلى تقليل البطالة وزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة. هذه الإصلاحات الاقتصادية والاستثمارية تستهدف رفع كفاءة الاقتصاد السعودي ليكون أقل اعتمادية على عائدات النفط.

مع ذلك، لا تزال أهداف تعزيز الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي ومشاركة القطاع الخاص بحاجة إلى المزيد من التطور لتحقيق الأهداف المرجوة. تواجه الحكومة السعودية هذه التحديات عبر ضخ الموارد اللازمة لدعم برامج التنمية، إضافة إلى تحفيز الاستثمار من خلال آليات مبتكرة وصناديق استثمارية تمثل ركيزة أساسية لتنويع مصادر الاقتصاد.

دور صندوق الاستثمارات العامة في دعم التنمية الاقتصادية

يعد صندوق الاستثمارات العامة في السعودية العامل الأساسي والرئيسي في تحقيق استراتيجية التحول الاقتصادي ضمن مبادرة رؤية 2030. في عام 2024، تضاعفت قيمة أصول هذا الصندوق لتصل إلى 940 مليار دولار أمريكي، مع تطلع للوصول إلى 2.67 تريليون دولار أمريكي بحلول نهاية العقد الحالي. الصندوق يعمل كأداة جذب مهمة للاستثمارات الأجنبية والمحلية بما يعزز تنفيذ المشاريع الكبرى ويسهم في تحقيق أهداف الرؤية.

على الرغم من التحديات الراهنة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، فإن الحكومة السعودية ملتزمة بمتابعة رؤيتها الطموحة لبناء اقتصاد أكثر استقلالية عن النفط. تسعى المملكة لتوسيع قاعدة استثماراتها مع دعم المشاريع الاقتصادية الضخمة لتحقيق تحول شامل ومستدام في مختلف القطاعات.