«مشهد انتخابي» غامض.. المعارضة الكردية تسعى لتثبيت دورها الفاعل

تستعد الساحة السياسية في إقليم كردستان العراق لمشهد انتخابي مليء بالتغيرات الجوهرية، بالتزامن مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقررة في نوفمبر المقبل، إذ تعمل القوى الكردية المعارضة على تكثيف جهودها لتشكيل تحالف انتخابي موحد يهدف إلى كسر الهيمنة التاريخية التي فرضها الحزبان الرئيسيان، الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، على المشهد السياسي، ويأتي ذلك عقب قرار هذه القوى بعدم المشاركة في الحكومة المقبلة للإقليم.

تحالفات انتخابية جديدة في كردستان العراق

تشهد الساحة السياسية في الإقليم تحركات غير مسبوقة من قبل أحزاب المعارضة الكردية، حيث بادرت جماعة العدل الكردستانية بفتح قنوات حوار مع كل من الاتحاد الإسلامي الكردستاني وجبهة الشعب، وأسفرت المشاورات عن الاستعداد لتشكيل ائتلاف انتخابي جامع، وبالتوازي مع ذلك، جرت اتصالات مكثفة مع حراك الجيل الجديد وتيار الموقف الوطني وبعض الشخصيات السياسية المستقلة، ومن المتوقع أن يتم الإعلان قريباً عن الصيغة النهائية للتحالف الجديد الذي يهدف إلى الحصول على تمثيل أقوى في البرلمان العراقي.

وتأتي هذه التحركات في وقت تدرس فيه الأحزاب التقليدية خيار الدخول بقائمة موحدة خاصة في المناطق المتنازع عليها، بهدف تعزيز تمثيلها وتأثيرها في تلك المناطق الحساسة، مما يزيد من أهمية تحركات المعارضة التي تسعى من جهتها إلى التفاف شعبي حول مشروعها السياسي.

مصاعب أحزاب المعارضة وأسباب إعادة التموضع

واجهت أحزاب المعارضة في الإقليم صعوبات هيكلية وسياسية جعلتها تصطدم بجدار المحاصصة الحزبية، وهو ما دفعها إلى الابتعاد عن المشاركة في الحكومات المتعاقبة، وهو ما أكد عليه عضو جماعة العدل الكردستانية ريبوار محمد أمين الذي قال إن المشاركة داخل الحكومة لا تساهم في تحسين الواقع السياسي للمواطن الكردي، بل تجعل المعارضة مجرد شاهد على الفساد والسرقات المستمرة، وهذه الرؤية دفعت المعارضة إلى إعادة ترتيب أوراقها والتركيز على تشكيل خارطة جديدة تعزز دورها في الانتخابات المقبلة.

تنتهج المعارضة استراتيجية تقطع بها الطريق على الأحزاب التقليدية التي طالما احتكرت السلطة والموارد، وذلك يأتي بالتوازي مع تصاعد الإحباط الشعبي من الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وتأخر صرف الرواتب، وهو ما يضع مزيداً من المسؤولية على عاتق القوى المعارضة لإيجاد بدائل سياسية عملية تعيد الثقة للمجتمع في العملية السياسية.

مستقبل المعارضة الكردية في العملية السياسية

على الرغم من التحديات التي تواجهها المعارضة في كردستان، تشير التوقعات إلى إمكانية تحقيق تغيير نسبي إذا نجحت في توحيد صفوفها وتقديم برنامج بديل يحظى بدعم شعبي واسع، لكن تبقى الإشكالية الأكبر هي كيفية ضمان تمثيل فعلي ومستدام للمعارضة في ظل غياب آليات قانونية تمكنها من التأثير على القرارات الحكومية، خاصة مع سيطرة حزبية شبه كاملة على المناصب السياسية.

ومع إصرار المعارضة على مقاطعة الحكومة، تعيش العملية السياسية في الإقليم حالة من الجمود، مما يعزز مخاوف تصاعد التوترات بين القوى الحاكمة والجماهير الغاضبة، إذ أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تصعيد اجتماعي وسياسي يصعب التنبؤ بعواقبه، ما يجعل المرحلة المقبلة بالغة الحساسية.