«تراجع الثقة» بالدولار.. هل الذهب يستعد ليصبح العملة العالمية الجديدة؟

تشهد أسعار الذهب اهتمامًا غير مسبوق وسط اضطرابات تجارية وسياسية دفعت المستثمرين للبحث عن أصول أكثر استقرارًا، حيث أسفرت هذه الظروف عن تراجع الثقة في الدولار الأمريكي وسندات الخزانة، وهو ما جعل الذهب الخيار الأبرز كملاذ آمن ووسيلة فعالة للتحوط ضد التقلبات الاقتصادية والتضخم المتوقع، وفقًا لتقارير مالية حديثة.

أسباب صعود أسعار الذهب وتأثير السياسات التجارية

تتزامن موجة صعود أسعار الذهب مع تغييرات جذرية في السياسة التجارية الأمريكية التي أُطلقت في عهد الرئيس الأسبق دونالد ترامب، حيث أدت الزيادات الكبيرة في الرسوم الجمركية بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين إلى تذبذب الأسواق؛ مما أفقد الدولار بريقه التقليدي كعملة آمنة. هذه التحولات دفعت البنوك العالمية للتوقع بأن يصل متوسط سعر الذهب إلى 3675 دولارًا للأونصة بحلول الربع الأخير من العام الحالي، مواصلة الارتفاع نحو 4000 دولار خلال السنوات المقبلة؛ مما يعكس الاضطرابات الحالية في الأسواق العالمية.
يؤكد خبراء الاقتصاد أن سياسة فرض الرسوم انعكست سلبًا على استقرار الدولار وأصوله، فيما شكل الذهب البديل الآمن الذي يسد الفجوة الناتجة عن انعدام الثقة في الاقتصاد الأمريكي، وهو ما يمكن أن يُحدث تغيرًا نظاميًا في طبيعة الملاذات الآمنة المهيمنة على الأسواق.

تراجع الأصول التقليدية وتزايد الإقبال على الذهب

شهد مؤشر الدولار الأمريكي انخفاضًا بنسبة 8% منذ بداية العام تزامنًا مع موجة بيع قوية لسندات الخزانة الأمريكية، حيث قفز عائد السندات لأجل 10 و30 عامًا بنحو 30 نقطة أساس خلال أسبوع واحد، وهو تحول نادر في الأسواق المالية. ومع هذه التحولات السلبية، قفزت أسعار الذهب بنسبة 25% منذ بداية العام، مما يعكس انتقالًا كبيرًا في طبيعة ثقة المستثمرين حول العالم.
تأتي هذه التخوفات أيضًا بالتزامن مع تصريحات من مسؤولين بالبنوك المركزية، حيث أكدوا أن التحولات السياسية والاقتصادية تعزز أهمية تنويع الاحتياطات القومية. وتعد الأسواق الناشئة من أبرز المساهمين في زيادة الطلب على الذهب ضمن استراتيجية تقليل الاعتماد على الدولار والتحوط ضد أية انهيارات مستقبلية محتملة في الأسواق النقدية العالمية.

الذهب في ظل التحولات نحو نظام اقتصادي متعدد العملات

تعزز التحركات الأخيرة نحو زيادة احتياطات الذهب في البنوك المركزية الجديدة فكرة نزع الدولرة، حيث بدأت النقاشات بشأن استبدال الدولار كعملة احتياط عالمية بمعدن الذهب. يرى مراقبون أن هذا الاتجاه يأتي كجزء من نظام عالمي متحول نحو تعددية مالية تضع الذهب في موقع أكثر أهمية بسبب طبيعته المستقلة عن السياسات المحلية والمخاطر الائتمانية.

العوامل التأثير على الذهب
تذبذب الدولار زيادة توجه المستثمرين نحو الذهب
ارتفاع الرسوم الجمركية تعزيز جاذبية الذهب كملاذ آمن
زيادة التضخم دفع المستثمرين للتحوط عبر الذهب

ومع ذلك، يبقى من الصعب التخلص بشكل كامل من الدولار على المدى القريب نظرًا لسيولته العالية واستقراره في السوق العالمي، لكن المؤشرات الحالية تبرز تحولًا ملموسًا نحو نماذج أكثر توازنًا تعتمد على تكامل الأصول الموثوقة مثل الذهب مع العملات الوطنية والدولار.