بعد 20 عامًا.. بلغاريا تعلن الموعد النهائي لاستبدال عملتها المحلية واعتماد اليورو رسميًا

تأثير اعتماد اليورو في بلغاريا يمثل التحول الاقتصادي الأبرز في منطقة البلقان خلال العقد الحالي، حيث تستعد الدولة رسميًا للانضمام إلى منطقة العملة الموحدة كعضو حادي وعشرين بحلول يوم الخميس، وهذا التغيير الجذري ينهي حقبة تداول عملة “الليف” التي بدأت في نهاية القرن التاسع عشر؛ لتدشن صوفيا بذلك مرحلة مالية جديدة تعيد صياغة هويتها الاقتصادية ضمن النسيج الأوروبي المتكامل والمنضبط.

العقبات السياسية المحيطة ببدء اعتماد اليورو في بلغاريا

تواجه الدولة التي تحتضن نحو 6.4 مليون نسمة حزمة من التحديات الهيكلية المعقدة التي تزامنت مع الموعد المرتقب لانتقال السلطة المالية، إذ تسيطر حالة من عدم الاستقرار السياسي على المشهد العام؛ خاصة بعد سقوط الحكومة الائتلافية المحافظة تحت وطأة احتجاجات شعبية واسعة طالبت بمحاسبة الفاسدين إداريًا وماليًا، وهذا الاضطراب قد يقود البلاد إلى انتخابات برلمانية هي الثامنة في غضون خمس سنوات فقط؛ مما يعزز مخاوف المحللين من استغلال التيارات القومية والمناهضة للاتحاد الأوروبي لأي تعثر تقني قد يطرأ خلال عملية التبديل النقدي، لكن في المقابل يتمسك رئيس الوزراء المنتهية ولايته روزن جيليازكوف بتفاؤله مشيرًا إلى أن الدولة نجحت في حجز مكانتها ضمن أسرع خمسة اقتصادات نموًا في الاتحاد؛ وهو ما يعتبره الركيزة الأساسية والضمانة الوحيدة لتجاوز أي عثرات سياسية قد تعوق الاندماج الكامل في النظام المالي الموحد الذي تعطل الوصول إليه منذ انضمام البلاد للتعاون الأوروبي عام 2007.

مخاوف التضخم والشارع من اعتماد اليورو في بلغاريا

يسود انقسام حاد في أوساط الجمهور البلغاري حول نتائج وتداعيات اعتماد اليورو في بلغاريا ومدى تأثير هذا التحول على مستويات المعيشة والقدرة الشرائية للأسر ذات الدخل المحدود، وأوضحت بيانات استطلاعات الرأي أن قرابة 49% من المواطنين يبدون توجسًا من احتمالية اندلاع موجات تضخمية مفاجئة؛ حيث أبدى صغار الكسبة وأصحاب المخابز قلقهم من آليات تحويل الأسعار من الليف إلى العملة الجديدة، وهناك شعور عام بأن القوة الشرائية للعملة الأوروبية قد لا تخدم الفئات الهشة في المجتمع عند بدء التطبيق الفعلي، وبالتزامن مع هذه المخاوف شهد البنك الوطني في صوفيا زحامًا كبيرًا من المواطنين الراغبين في تأمين سيولة نقدية وسط تحذيرات تقنية من احتمالية توقف مؤقت لخدمات الدفع الإلكتروني وأجهزة الصراف الآلي ليلة التدشين، وتجد السلطات نفسها الآن في مواجهة اختبار مصيري لتأكيد أن الارتفاع الحالي في الأسعار هو نتاج نمو اقتصادي طبيعي وليس نتيجة مباشرة لتغيير العملة الوطنية.

• ترسيخ مبادئ الشفافية المطلقة في تسعير كافة السلع الاستهلاكية ومواجهة الاحتكار.
• توطيد الروابط الاستراتيجية مع دول غرب أوروبا وتحجيم التأثير الإقليمي لروسيا.
• تطوير إجراءات الانتقال والعمل والإقامة للبلغاريين المقيمين في دول الاتحاد.
• رفع جودة وتنافسية المنتجات والشركات البلغارية داخل منظومة السوق الأوروبية الموحدة.
• إيجاد بيئة استثمارية صلبة ومستقرة تجذب رؤوس الأموال العالمية على المدى الطويل.

المكاسب الاستراتيجية طويلة الأمد بعد اعتماد اليورو في بلغاريا

تثق المفوضية الأوروبية وعلى رأسها أورسولا فون دير لايين بأن الخطوات المتخذة من أجل اعتماد اليورو في بلغاريا ستحمل معها آثارًا إيجابية ملموسة تمس حياة المواطن العادي بشكل مباشر؛ فاليورو في نظرهم ليس مجرد وسيلة للتبادل التجاري بل هو محرك لرفع كفاءة الأسواق وتسهيل التدفقات المالية وتخفيض التكاليف التشغيلية للمؤسسات والمستهلكين، كما أن الانضمام للمظلة النقدية سيوفر حماية فائقة للاقتصاد المحلي ضد التقلبات الخارجية العنيفة والهزات المالية المفاجئة؛ ورغم الصعوبات اللوجستية التي يواجهها السكان حاليًا في توفير السيولة المباشرة؛ فإن تجربة كرواتيا التي انضمت في مطلع 2023 تبرهن على أن مجتمعات البلقان تمتلك قدرة عالية على التكيف التدريجي مع الأنظمة الغربية، ويتطلب العبور الآمن لهذه المرحلة الانتقالية نوعًا من الصبر الجماهيري الذي نادى به جيليازكوف؛ لضمان تحويل بلغاريا من تصنيفها كأفقر دول الاتحاد إلى اقتصاد متطور يحاكي المعايير العالمية الصارمة ويحقق رفاهية مستدامة للأجيال القادمة بعيدًا عن التجاذبات الحزبية.

تتجه الأنظار الآن بترقب شديد صوب العاصمة صوفيا قبل ساعات قليلة من انتصاف ليل الأربعاء، حيث يطوي التاريخ صفحة الليف ليعلن بدء اعتماد اليورو في بلغاريا كواقع ملموس يبدأ معه عهد الاندماج الكلي، وتدخل البلاد في صلب المنظومة الأوروبية متسلحة بخطط طموحة لكبح التضخم وتعزيز الاستقرار المالي في رحلة اقتصادية واعدة نحو المستقبل.