بعد 20 عامًا.. بلغاريا تحدد موعدًا نهائيًا لاستبدال عملتها المحلية واعتماد اليورو

اعتماد اليورو في بلغاريا يمثل خطوة تاريخية ومصيرية في مسار هذه الدولة البلقانية، حيث تتحول البلاد رسميًا لتصبح العضو الحادي والعشرين في منطقة العملة الأوروبية الموحدة مع حلول يوم الخميس، وهذا الانتقال الجذري يكسر حقبة طويلة استمرت منذ نهاية القرن التاسع عشر في التعامل بعملة “الليف” المحلية، لتبدأ صوفيا مرحلة اقتصادية جديدة تعيد تشكيل هويتها المالية داخل التكتل الأوروبي.

المؤشر الاقتصادي (2025) القيمة الحالية في بلغاريا
الناتج المحلي الإجمالي 113 مليار يورو
معدل النمو الاقتصادي أكثر من 3%
سعر صرف الليف مقابل اليورو 1.95 (ثابت منذ 2006)
نسبة زيادة أسعار الغذاء (نوفمبر) 5%

التحديات السياسية المصاحبة لعملية اعتماد اليورو في بلغاريا

تواجه الدولة التي يقطنها نحو ستة ملايين وأربعمائة ألف نسمة تحديات بالغة التعقيد تتزامن مع موعد اعتماد اليورو في بلغاريا؛ إذ أن الأوضاع السياسية غير مستقرة تلوح في الأفق بقوة، خاصة بعد الإطاحة بالحكومة الائتلافية المحافظة إثر احتجاجات شعبية عارمة نددت بالفساد المالي والإداري؛ مما يفتح الباب أمام انتخابات برلمانية قد تكون الثامنة خلال خمس سنوات فقط، وهذا المناخ المشحون بالاضطرابات يثير قلق المراقبين من سهولة استغلال أي انتكاسة فنية أو اقتصادية خلال فترة التبديل من قبل التيارات المناهضة للوحدة الأوروبية، ورغم ذلك يرى رئيس الوزراء المنتهية ولايته، روزن جيليازكوف، أن المهمة قد أُنجزت بنجاح وأن البلاد تقف اليوم ضمن أفضل خمس دول في الاتحاد من حيث النمو، معتبرًا أن قوة الاقتصاد الحالية هي الضمانة الحقيقية لتجاوز العقبات السياسية التي قد تعرقل مسار الاندماج الكامل في النظام المالي الأوروبي الجديد الذي طال انتظاره منذ انضمام البلاد للاتحاد في عام 2007.

مخاوف التضخم والشارع عقب اعتماد اليورو في بلغاريا

انقسم الشارع البلغاري بوضوح حول تداعيات اعتماد اليورو في بلغاريا وتأثيره المباشر على القدرة الشرائية؛ إذ أظهرت استطلاعات الرأي أن تسعة وأربعين بالمئة من المواطنين يعارضون هذه الخطوة خوفًا من موجات تضخمية مباغتة، وقد عبّر بعض أصحاب الأعمال الصغيرة عن قلقهم بمرارة؛ فالمخبوزات والسلع الأساسية بدأت تشهد تلاعبًا في تقدير الأسعار الحقيقية عند تحويلها من الليف، حيث يرى البعض أن القيمة الشرائية للعملة الجديدة لا تنصف المواطن البسيط، وفي ذات الوقت تشكلت طوابير طويلة أمام البنك الوطني في صوفيا للحصول على العملة الصعبة وسط تحذيرات مصرفية من تعطل جزئي في خدمات الصراف الآلي والدفع الإلكتروني خلال ليلة رأس السنة، ليبقى المواطن عالقًا بين وعود الازدهار وبين واقع الأسعار الذي يرتفع بالفعل قبل التدشين الرسمي للعملة، مما يضع السلطات أمام اختبار حقيقي لإثبات أن التضخم الحالي يرتبط بنمو القوة الشرائية وليس بتغيير العملة ذاتها.

  • تحقيق الشفافية الكاملة في تسعير المنتجات ومنع الاحتكار.
  • تعزيز العلاقات مع أوروبا الغربية وتقليص النفوذ الروسي الإقليمي.
  • تسهيل إجراءات السفر والعيش والعمل للمواطنين في الخارج.
  • زيادة القدرة التنافسية للشركات البلغارية في السوق الموحدة.
  • ضمان استقرار طويل الأمد للبيئة الاستثمارية الوطنية.

الفوائد الاقتصادية بعيدة المدى بعد اعتماد اليورو في بلغاريا

تراهن القيادات الأوروبية وعلى رأسهم أورسولا فون دير لايين على أن اعتماد اليورو في بلغاريا سينعكس بشكل إيجابي ملموس على حياة الناس؛ فهي ترى أن العملة الموحدة ليست مجرد أداة مالية بل وسيلة لتعزيز شفافية الأسواق وتسهيل التجارة العابرة للحدود؛ مما يخفض التكاليف على الشركات والمستهلكين على حد سواء، كما أن حماية الاقتصاد المرتقبة من التدخلات الخارجية ستوفر لبلغاريا درعًا ماليًا يقيها التقلبات العنيفة، وبالرغم من الصعوبات اللوجستية الراهنة واحتياج السكان لحمل السيولة النقدية بشكل مؤقت؛ فإن التجربة التي سبقتهم إليها كرواتيا في مطلع عام 2023 تؤكد أن التأقلم يأتي تدريجيًا، وبناءً عليه فإن الصبر الذي دعا إليه جيليازكوف يبدو ضروريًا لعبور هذه المرحلة الانتقالية، لضمان تحول بلغاريا من أفقر دولة في الاتحاد إلى بيئة اقتصادية متطورة قادرة على مواكبة المعايير الغربية الصارمة وتحقيق رخاء مستدام لا يتأثر بالهزات السياسية المتكررة.

يستمر الترقب حتى اللحظات الأخيرة قبل منتصف ليل الأربعاء، حين ينتهي عصر الليف رسميًا ويصبح اعتماد اليورو في بلغاريا حقيقة واقعة تطوى معها صفحة من التاريخ المالي القديم، لتبدأ صوفيا رحلة الاندماج الكلي في قلب أوروبا متجاوزة مخاوف التضخم بتفاؤل حذر نحو المستقبل الاقتصادي.