ملياري دولار.. بدء استرداد أرصدة إيران المجمدة لدى إحدى الدول المجاورة

الإفراج عن أصول إيران المجمدة في دولة مجاورة يمثل خطوة اقتصادية هامة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد خلال الفترة الراهنة، حيث تسعى الحكومة الإيرانية جاهدة لتخفيف حدة الأزمات المالية وتوفير السيولة النقدية اللازمة لإنعاش السوق المحلية؛ وقد جاءت هذه الأنباء لتفتح آفاقاً جديدة حول قدرة طهران على استعادة مواردها المحتجزة في الخارج وتوظيفها لمواجهة تدهور قيمة العملة الوطنية التي بلغت مستويات قياسية.

تداعيات الإفراج عن أصول إيران المجمدة في دولة مجاورة على السوق المحلية

أعلنت مصادر مطلعة ومقربة من وكالة “فارس” الإيرانية للأنباء عن التوصل إلى تفاهمات أفضت إلى تحرير مبالغ مالية ضخمة كانت محتجزة؛ حيث تم الإفراج عن أصول إيران المجمدة في دولة مجاورة والتي تقدر قيمتها بما يزيد عن ملياري دولار أمريكي، وهذا التطور جاء بعد سلسلة من المفاوضات والتحركات القائمة على الصعيد الإقليمي لضمان تدفق العملة الصعبة إلى الداخل الإيراني الذي يعاني من ندرة في السيولة الأجنبية؛ إذ إن العمل على فك تجميد هذه الأموال من دولة لم يسمها المصدر بشكل صريح لكنه وصفها بالمجاورة يعطي انطباعاً بوجود وساطات إقليمية فاعلة، ومن المؤمل أن تساهم هذه الخطوة في تهدئة المخاوف الاقتصادية المتزايدة لدى المواطنين، والعمل على توفير غطاء نقدي يدعم المبادلات التجارية والالتجامات المالية العاجلة التي تقع على عاتق الدولة في الوقت الحالي؛ خصوصاً وأن المصدر أكد أن هذه المبالغ أصبحت متاحة للاستخدام الفعلي لصالح الخزانة الإيرانية.

دخول مليارات الدولارات إلى البلاد وتصريحات منظمة التخطيط والميزانية

تزامنت هذه الأنباء مع تصريحات رسمية أدلى بها أحد المسؤولين البارزين في منظمة التخطيط والميزانية الإيرانية خلال مساء يوم الاثنين الماضي؛ حيث كشف عن وصول مبالغ ضخمة ودخول مليارات الدولارات إلى البلاد دون أن يفصح في تلك اللحظة عن منشأ تلك الأموال أو الطرق والآليات التي تم من خلالها نقل وتحويل هذه السيولة الضخمة، ولعل الإفراج عن أصول إيران المجمدة في دولة مجاورة هو التفسير المنطقي لهذه التدفقات التي أشار إليها المسؤول الإيراني في حديثه المقتضب؛ إذ إن هذه المليارات تعكس جهوداً حثيثة للالتفاف على العقوبات المفروضة والاستفادة من عوائد الصادرات أو الأموال المحتجزة سابقاً، وتتطلع الأوساط الاقتصادية إلى معرفة الكيفية التي سيتم بها توزيع هذه الموارد، حيث يمكن تلخيص الحالة الراهنة وتداعيات هذه الأموال ضمن النقاط التالية:

  • تعزيز الاحتياطي النقدي الأجنبي لدى البنك المركزي الإيراني لمواجهة الأزمات الطارئة وسداد الديون.
  • محاولة السيطرة على الفوضى السائدة في سوق الصرف وتوفير السلع الأساسية للمواطنين والحد من الغلاء.
  • تخفيف الضغوط السياسية والاحتجاجات الشعبية الناتجة عن تدهور الوضع المعيشي بشكل حاد وغير مسبوق.
  • فتح قنوات اتصال اقتصادية جديدة مع الدول الصديقة والمجاورة لتجاوز عثرات النظام المالي العالمي.

تأثير الإفراج عن أصول إيران المجمدة في دولة مجاورة على سعر الريال

تأتي أهمية الأنباء المتعلقة بمسألة الإفراج عن أصول إيران المجمدة في دولة مجاورة في توقيت حساس للغاية؛ فالعاصمة طهران شهدت مؤخراً موجة من الاحتجاجات الغاضبة التي اندلعت بسبب التراجع الانهياري في سعر صرف الريال الإيراني مقابل العملات الأجنبية، فقد سجل سعر الدولار مستويات تاريخية وغير مسبوقة بتجاوزه حاجز 1.4 مليون ريال، وهو ما يعادل نحو 140 ألف تومان حسب التقييمات المتداولة في الأسواق السوداء والمصارف الرسمية، وهذا الوضع وضع الحكومة تحت ضغط شعبي هائل دفعها للبحث عن حلول سريعة لضخ السيولة، ويوضح الجدول التالي بعض المؤشرات المالية التي تعكس عمق الأزمة الحالية في السوق الإيرانية:

المؤشر الاقتصادي القيمة أو الحالة
حجم الأصول المعلن عن تحريرها مؤخراً أكثر من 2 مليار دولار
سعر صرف الدولار التقريبي في طهران 1.4 مليون ريال (140 ألف تومان)
المصدر الرئيسي للأنباء الحالية وكالة فارس للأنباء ومنظمة التخطيط

إن الاقتصاد الإيراني يواجه في الحقيقة عقبات هيكلية معقدة ناتجة عن تراكم العقوبات الدولية المفروضة عليه لسنوات طويلة؛ مما جعل تقلبات سوق الصرف والاضطرابات المعيشية أمراً واقعاً يعاني منه الملايين، ورغم أن الإفراج عن أصول إيران المجمدة في دولة مجاورة يعد بمثابة طوق نجاة مؤقت، إلا أن الخبراء يرون أن استقرار الريال يحتاج إلى إصلاحات بنيوية شاملة بجانب هذه التدفقات المالية لضمان عدم عودة الأسعار للارتفاع مرة أخرى حال نفاذ هذه المبالغ؛ فالاعتماد على تحرير الأموال المحتجزة قد يوفر حلولاً فورية لكنه لا ينهي جذور المشكلة المرتبطة بالعلاقات الدولية والسياسات المالية المقيدة التي تخنق وتيرة التنمية في البلاد وتؤثر سلباً على المستوى اليومي لحياة الأفراد والقدرة الشرائية للعملة الوطنية.

إن المتابعة الدقيقة لعملية الإفراج عن أصول إيران المجمدة في دولة مجاورة تشير إلى تحولات مرتقبة في إدارة الملف المالي الإيراني، حيث تحاول طهران استخدام هذه الأوراق لتحقيق توازن نسبي يهدئه الشارع المنفجر؛ ويبقى الرهان قائماً على مدى استمرارية وصول هذه التدفقات النقدية وقدرة البنك المركزي على توظيف المليارين الجديدين في كبح جماح التضخم الذي يلتهم مدخرات الإيرانيين.