أعلى مستوى منذ عامين.. صعود مفاجئ لليوان الصيني مقابل الدولار وسط ترحيب بكين

ارتفاع اليوان الصيني أمام الدولار يمثل تحولاً جوهرياً في خريطة التداولات المالية العالمية مؤخراً، حيث نجحت العملة الصينية في كسر حاجز المقاومة النفسي والمحوري البالغ 7 يوانات لكل دولار في السوق المحلية الخاضعة لرقابة بكين الصارمة، وهو تطور لم يشهده الاقتصاد منذ عام 2023؛ مما يعكس بوضوح رغبة السلطات النقدية الصينية في ترك مساحة أكبر لصعود العملة الوطنية وتعزيز مكانتها الدولية.

العوامل المحركة لظاهرة ارتفاع اليوان الصيني أمام الدولار

يمثل تسجيل العملة الصينية لمستويات 6.99 يوان للدولار قفزة بنسبة 0.2% خلال تداولات الثلاثاء، مدفوعة بمزيج من العوامل الفنية والاقتصادية المترابطة؛ حيث استفاد اليوان من التراجع العام في قيمة العملة الأمريكية وتزايد مبيعات النقد الأجنبي من قبل المصدرين والشركات الصينية التي تسعى لتسوية ميزانياتها السنوية مع اقتراب نهاية العام الحالي، كما أن كسر مستوى 7 في السوق الخارجية مهد الطريق لهذا التحرك القوي في السوق المحلية التي تتحرك ضمن نطاق تذبذب لا يتجاوز 2% حول السعر المرجعي اليومي؛ مما يجعل هذا الصعود أكثر دلالة على توجهات بكين الرسمية بالمقارنة مع الأسواق المفتوحة ذات القيود الأقل، ويؤكد استراتيجي الأسواق وي خون تشونغ أن هذا الزخم قد يمتد حتى عام 2026 بفضل تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية الوافدة والتفاؤل بقطاع التكنولوجيا وخطة تعافي الاقتصاد الصيني الشاملة.

سياسات بكين النقدية وتأثير ارتفاع اليوان الصيني أمام الدولار

تتسم إدارة السلطات الصينية للمشهد المالي بالحذر والذكاء في آن واحد، فبينما تسمح بارتفاع العملة لإرضاء الشركاء التجاريين الدوليين، تتدخل البنوك الحكومية الكبرى لشراء الدولار عند مستويات معينة لضبط الإيقاع ومنع التدفقات المفاجئة لرؤوس الأموال الساخنة التي قد تزعزع الاستقرار؛ حيث يبرز التزام بنك الشعب الصيني بالحفاظ على مرونة سعر الصرف مع التحوط من مخاطر المبالغة في التحركات السعرية، وقد استخدم البنك المركزي بالفعل تسعيراً مرجعياً أضعف من التوقعات لتقليل سرعة المكاسب وضمان أن يكون الصعود تدريجياً ومستداماً، وتتجلى رؤية بكين في استخدام العملة القوية كأداة لخفض فاتورة الواردات ودعم استراتيجية تدويل الرنمينبي على المدى الطويل، ورغم هذه المكاسب أمام العملة الأمريكية، إلا أن اليوان سجل تراجعات متفاوتة أمام عملات شركاء تجاريين آخرين؛ مما يعكس تعقيدات الميزان التجاري الصيني.

• تحقيق اليوان لأفضل أداء سنوي له منذ قرابة خمس سنوات متتالية.
• تجاوز المخاوف المرتبطة بالنزاعات التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية.
• زيادة ثقة المستثمرين في الأصول الصينية بفضل توقعات النمو الاقتصادي.
• حاجة الشركات الصينية لتسوية الالتزامات المالية المتراكمة مع الموردين.

توقعات الخبراء ومستقبل ارتفاع اليوان الصيني أمام الدولار

يشير المحللون في المؤسسات المالية الكبرى مثل “بلومبرغ” و”ستون إكس” إلى أن مستوى 7 يوانات لا يمثل عائقاً مقدساً لدى بنك الشعب الصيني، بل هو مجرد رقم يرتكز عليه المتداولون لتقييم قوة الدفع، فالعوامل الأساسية التي تدعم الرنمينبي لا تزال قائمة وقوية طالما استمر الاستقرار في وتيرة التداول، وتؤكد التحليلات أن التحركات الحادة تحت مستوى 7 قد تستوجب تدخلات رسمية فورية لضبط الأسواق، بينما يظل الصعود الهادئ مقبولاً ومرحباً به لدى صانع القرار في بكين؛ لكونه يعكس القوة الكامنة في الاقتصاد الوطني وتفوق التفاؤل على التحديات التجارية، ومع بقاء التحركات تحت السيطرة الحكومية المحكمة، يبدو أن العملة الصينية تمضي في مسار مدروس بعناية يوازن بين طموحات الهيمنة النقدية العالمية والحفاظ على تنافسية الصادرات الوطنية في الأسواق الدولية.