مكاسب جديدة.. الذهب ينتعش من أدنى مستوياته والفضة تبدأ رحلة تعافي الأسعار

توقعات أسعار الذهب والفضة في الأسواق العالمية تشير إلى مرحلة جديدة من التعافي؛ حيث بدأت تداولات يوم الثلاثاء بانتعاش ملحوظ في قيمة المعدن الأصفر الذي نجح في تعويض جانب كبير من خسائره السابقة، وتأتي هذه التحركات الإيجابية بعد موجة من الهبوط الحاد التي دفعت الأسعار لملامسة أدنى مستوياتها خلال أسبوعين، وذلك نتيجة ضغوط بيعية مكثفة استهدفت جني الأرباح مع اقتراب نهاية العام الحالي.

سجلت أسعار الذهب الفورية قفزة بنسبة 0.7% لتستقر عند مستوى 4364.20 دولاراً للأونصة، وجاء هذا الارتفاع بعد أن شهدت الأسواق تراجعاً كبيراً يوم الاثنين الماضي حينما سجل المعدن أدنى مستوى له منذ منتصف ديسمبر، وتزامن هذا الصعود مع ارتفاع مماثل في العقود الآجلة للذهب الأمريكي تسليم فبراير بنسبة 0.7% لتصل إلى 4375.50 دولاراً، وهو ما يفسره المحللون كحالة من تصحيح المسار بعد الهبوط الذي أعقب تسجيل مستوى قياسي يوم الجمعة الماضي بلغ 4549.71 دولاراً؛ إذ يرى الخبراء في شركة “أواندا” ومنهم كلفن وونغ أن الارتفاعات السابقة كانت مفرطة ومبالغاً فيها، مما جعل الأسواق عرضة لعمليات تصفية المراكز الشرائية المعتمدة على الرافعة المالية، خاصة وأن مؤشرات القوة النسبية قد أشارت بوضوح إلى وصول الذهب والفضة لمناطق تشبع شرائي استدعت هذا النوع من التصحيح الفني الضروري لاستعادة التوازن السعري.

توقعات أسعار الذهب والفضة في ظل الأداء السنوي الاستثنائي

حقق المعدن النفيس أداءً مبهراً خلال عام 2025 بنسبة صعود إجمالية قاربت 66% حتى الآن، ويعود هذا الزخم القوي إلى تضافر مجموعة من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية المحفزة للاستثمار في الملاذات الآمنة، ويمكن تلخيص الدوافع الأساسية لهذا النمو التاريخي في النقاط التالية:

  • التوجه المستمر لمجلس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي نحو خفض معدلات الفائدة وتبني سياسات نقدية تيسيرية.
  • تزايد حدة التوترات الجيوسياسية في مناطق مختلفة من العالم مما يدفع المستثمرين للتحوط بالذهب.
  • الطلب المتنامي والمستمر من جانب البنوك المركزية العالمية لتعزيز احتياطياتها من العملات الأجنبية والمعادن.
  • الارتفاع الملحوظ في حيازات الصناديق المتداولة في البورصة المقومة بالذهب والمدرة للعائد غير الثابت.

وتشير توقعات أسعار الذهب والفضة إلى استمرار جاذبية هذه الأصول في العام المقبل؛ حيث يترقب المتعاملون في السوق خفض أسعار الفائدة لمرتين إضافتين على الأقل، ومن المعروف تاريخياً أن الأصول التي لا تدر عائداً ثابتاً مثل الذهب والفضة والبلاتين تحقق أفضل نتائجها في البيئات المالية التي تتميز بانخفاض تكلفة الاقتراض وضعف العائد على السندات؛ مما يجعل المستثمرين يفضلون توجيه سيولتهم نحو السلع الملموسة التي تحتفظ بقيمتها الذاتية أمام تقلبات العملات الورقية والتضخم المالي المتزايد.

العوامل المؤثرة على توقعات أسعار الذهب والفضة والمعادن النفيسة

شهدت الفضة أداءً يفوق التوقعات بمراحل خلال هذا العام؛ حيث ارتفعت في المعاملات الفورية بنسبة 3.3% لتصل إلى 74.52 دولاراً للأونصة بعد أن كانت قد سجلت ذروة تاريخية عند 83.62 دولاراً، ورغم التعرض لأكبر خسارة يومية منذ أعوام يوم الاثنين الماضي، إلا أن المكاسب الإجمالية للفضة منذ بداية العام بلغت 154% متجاوزة بذلك أداء الذهب بمسافات شاسعة، ويرجع هذا التفوق الاستثماري إلى تصنيف الفضة ضمن المعادن الأمريكية الحرجة مع استمرار قيود المعروض العالمي وتناقص المخزونات لمستويات مقلقة، في وقت يتزايد فيه الطلب الصناعي المقترن بالاحتياجات التكنولوجية والطلب الاستثماري الباحث عن بدائل قوية للذهب، ويوضح الجدول التالي مستويات الأسعار الحالية لمجموعة من المعادن النفيسة في التداولات الأخيرة:

نوع المعدن النفيس السعر الحالي (دولار للأونصة) نسبة التغير اليومي
الذهب (المعاملات الفورية) 4364.20 0.7% +
الفضة (المعاملات الفورية) 74.52 3.3% +
البلاتين (المعاملات الفورية) 2132.86 1.1% +
البلاديوم (المعاملات الفورية) 1634.29 1.1% +

تؤكد الرؤية التحليلية لخبراء السوق أن الاتجاه التصاعدي طويل الأمد لا يزال قائماً رغم التذبذبات اللحظية، بل إن التوقعات للمستقبل القريب تتحدث عن مستويات سعرية قد تكسر جميع الحواجز السابقة؛ فمن المتوقع خلال فترة الستة أشهر المقبلة أن يستهدف الذهب مستوى 5010 دولارات للأونصة، بينما قد تنطلق الفضة نحو مستوى 90.90 دولاراً، وتدعم هذه النظرة التفاؤلية أيضاً تحركات البلاتين الذي استرد توازنه بعد أكبر هبوط يومي في تاريخه ليصل إلى 2132.86 دولاراً، وكذلك البلاديوم الذي استعاد جزءاً من عافيته مسجلاً 1634.29 دولاراً عقب تراجع حاد بنسبة 16%، مما يعكس مرونة عالية في أسواق المعادن وقدرة فائقة على امتصاص الصدمات السعرية الناتجة عن عمليات تصفية المراكز، لتبقى المعادن النفيسة هي الركيزة الأساسية في محافظ كبار المستثمرين والمؤسسات المالية حول العالم.

إن المتابعة الدقيقة لهذه المتغيرات المالية تظهر بوضوح أن توقعات أسعار الذهب والفضة تظل مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بقرارات الفدرالي الأمريكي وتطورات الطلب الصناعي المتسارع؛ مما يمنح هذه المعادن قوة دفع إضافية لإكمال رحلة الصعود التاريخية التي بدأت مع مطلع العام. غياب الاستقرار في بعض الأسواق التقليدية يحفز السيولة للتحرك نحو هذه الأوعية الادخارية الآمنة، وهو ما يفسر استمرار الزخم الشرائي حتى في لحظات التراجع المؤقت؛ لتبقى المعادن الثمينة هي الخيار الأول للتحوط في ظل مناخ اقتصادي عالمي ملبد بالشكوك والتغيرات المتلاحقة.