تراجع التومان الإيراني.. هزة اقتصادية تضرب الأسواق المحلية وسط تزايد حاد في الأزمات

تداعيات أزمة الاقتصاد الإيراني وانهيار التومان أصبحت الشغل الشاغل للمواطنين والمراقبين الدوليين على حد سواء، حيث تواجه حكومة مسعود بزشكيان اختباراً عسيراً بعد تراجع القيمة الشرائية للعملة الوطنية بنسب مخيفة تجاوزت الضعفين خلال عام واحد؛ وهو ما أدى لوصول سعر الدولار إلى مستويات غير مسبوقة ناهزت 145 ألف تومان، مشعلاً فتيل احتجاجات شعبية وبرلمانية واسعة النطاق لم تهدأ وتيرتها حتى اللحظة.

تداعيات أزمة الاقتصاد الإيراني وانهيار التومان على استقرار الشارع

إن المتابع للمشهد الحالي يدرك أن أزمة الاقتصاد الإيراني وانهيار التومان لم تعد مجرد أرقام في التقارير المصرفية، بل تحولت إلى غضب عارم داخل مجلس الشورى الذي شهد مشادات كلامية قاسية وانتقادات لاذعة وجهت للرئيس بزشكيان؛ وذلك بسبب عجزه عن تقديم حلول اقتصادية ملموسة واكتفائه بالاستشهاد بنصوص دينية لتبرير الموقف المتأزم، بينما كانت الميزانية التقشفية الجديدة تثير رعب الشارع بعد أن فقدت العملة 10 في المئة من قيمتها في بضع ساعات؛ الأمر الذي دفع بتجار البازار الكبير في العاصمة طهران إلى إغلاق أبوابهم تعبيراً عن رفضهم للسياسات الضريبية القاسية التي تعتمد عليها الحكومة لسد ثقوب الموازنة العامة، وسط مخاوف جدية من امتداد هذه الاحتجاجات إلى محافظات أخرى نتيجة انعدام الثقة في الإجراءات الرسمية المتبعة حالياً.

ولفهم حجم التحدي الذي تفرضه أزمة الاقتصاد الإيراني وانهيار التومان، يمكن النظر في الجدول التالي الذي يوضح أرقام الميزانية التقشفية والواقع المعيشي:

أسباب تفاقم أزمة الاقتصاد الإيراني وانهيار التومان ونضوب العملة الصعبة

لا يمكن فصل أزمة الاقتصاد الإيراني وانهيار التومان عن الفساد الداخلي والضغوط الدولية، حيث تشهد البلاد ما يشبه العصيان من كبار المصدرين الذين يمتنعون عن توريد عوائد النقد الأجنبي إلى خزينة الدولة للاستفادة من فوارق الأسعار المهولة بين البنك المركزي والسوق الموازية؛ وهذا التخبط أدى لاستقالة محافظ البنك المركزي محمد رضا فرزين، في وقت تعاني فيه طهران من شلل تام في تحصيل مليارات الدولارات المحتجزة في الخارج ولا سيما في العراق نتيجة ملاحقة الخزانة الأمريكية للتحويلات المالية، ولم تنجح المساعي الدبلوماسية الأخيرة ومنها زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في فك عقدة الديون المتراكمة أو حل مشكلات عقود الغاز التي تضاعف من وطأة الضغوط المالية على الحكومة العاجزة عن إيجاد مخارج آمنة.

وتتلخص العوامل الجوهرية التي أدت لتدهور أزمة الاقتصاد الإيراني وانهيار التومان في النقاط الآتية:

• التحول نحو سياسات الجباية والاعتماد المفرط على ضرائب المواطنين لتعويض نقص عوائد النفط.
• الاستمرار في ضخ ميزانيات ضخمة للمؤسسات الإعلامية والدينية التابعة للسلطة رغم توقف الدعم الشعبي لها.
• القيود الأمريكية الصارمة التي تمنع بكفاءة وصول الديون العالقة بالعملات الصعبة من دول الجوار.
• نزيف رؤوس الأموال إلى الخارج ورفض كبار رجال الأعمال ضخ السيولة في القنوات المصرفية الرسمية.

تحديات القوة العسكرية في ظل أزمة الاقتصاد الإيراني وانهيار التومان

بالرغم من عمق أزمة الاقتصاد الإيراني وانهيار التومان، تحرص القيادة في طهران على إظهار صلابة عسكرية لافتة، فقد أعلنت وزارة الدفاع عن إعادة بناء وتأهيل كافة القواعد الصاروخية التي تضررت في الهجمات الأخيرة؛ حيث تم إنشاء 12 قاعدة جديدة في المنطقة الشرقية لرفع مستوى الردع الاستراتيجي، وتؤكد التقارير العسكرية أن منظومات الدفاع الأرضية نجحت في حماية مخازن الصواريخ بعيدة المدى من الاستهداف الجوي، مع استمرار وتيرة الإنتاج العسكري التي تصل إلى 800 صاروخ بالستي في الشهر الواحد، وهي محاولة لإيجاد توازن بين الانهيار المعيشي والسطوة العسكرية القادرة على حمايتها من العمليات التكنولوجية والاغتيالات التي تلاحق علماءها وتستهدف منشآتها النووية الحساسة في هذا الظرف الدقيق.

ويتجه المشهد الداخلي نحو مزيد من التعقيد مع اتساع الفجوة بين الأرقام الحكومية المعلنة والواقع الذي يكابده المواطن العادي، إذ يرى الخبراء أن الميزانية التقشفية التي تستهدف جيوب الطبقات الفقيرة والمتوسطة قد تمثل شرارة لانتفاضة شعبية لا يمكن التنبؤ بمدى اتساعها، خاصة مع اعتراف السلطة التنفيذية بافتقارها لأي خطط عملية لوقف نزيف العملة الوطنية؛ وبناءً على المعطيات الميدانية والسياسية الراهنة، فإن الأيام المقبلة ستحمل في طياتها ملامح المواجهة الحتمية بين غضب البازار وسلطة تحاول الصمود وسط ركام الأزمات والهيكل المالي الذي استنزفه سوء الإدارة والعقوبات لسنوات طويلة.