تحذير مالي.. مخاوف سورية من تداعيات استبدال العملة المحلية ومخاطر التضخم الواسعة

قرار استبدال الليرة السورية وحذف صفرين من العملة يمثل نقطة تحول كبرى في السياسة المالية التي تتبعها الحكومة الانتقالية لمواجهة التحديات الاقتصادية الراهنة؛ حيث أعلن مصرف سوريا المركزي أن العملة الجديدة ستبدأ بالتداول رسمياً مع مطلع العام الجديد بعد إطلاقها في الثامن والعشرين من شهر كانون الأول، وسط حالة من الترقب والقلق الشعبي حول انعكاسات هذه الخطوة على المعيشة اليومية ومستويات التضخم.

تداعيات قرار استبدال الليرة السورية وحذف صفرين من العملة على الاقتصاد السوري

تسيطر حالة من التوجس على الشارع السوري نتيجة الظروف الاقتصادية القاسية التي يمر بها المواطنون؛ فالتجارب السابقة مع الفئات النقدية الجديدة لم تكن مطمئنة، بحسب ما أشار إليه الأكاديمي “غ. ك” الذي فضل إخفاء هويته الكاملة، موضحاً أن كافة التحركات السابقة للبنك المركزي لإصدار عملات جديدة ارتبطت بقفزات تضخمية مرعبة أكلت ما تبقى من القدرة الشرائية؛ كما يسلط الضوء على مفارقة غريبة في السوق السورية حالياً، تتمثل في وصول قيمة الدولار عند تسعير السلع إلى 20 ألف ليرة في الوسط التجاري، بينما تسجله النشرة الرسمية بـ 12 ألف ليرة فقط، وهي سابقة اقتصادية عالمية أن يكون السعر الرسمي أدنى بكثير من تقديرات التجار حتى مقارنة بالسوق السوداء.

التحديات التشريعية والقانونية المحيطة ببدء استبدال الليرة السورية وحذف صفرين من العملة

تثار تساؤلات قانونية جوهرية حول شرعية هذه الخطوة المالية، إذ يوضح الحقوقي إياد حساني أن الليرة السورية تمثل رمزاً دستورياً لا يمكن المساس به أو استبداله دون الاستناد إلى مرسوم تشريعي واضح ونافذ؛ وهذا المرسوم يتطلب وجود مؤسسات دستورية شرعية تمثل الشعب السوري لتقره، وهو ما يغيب عن المشهد الحالي، مما يضع علامات استفهام كبرى حول قانونية الإجراءات المتبعة؛ بالإضافة إلى ذلك، ثمة مخاوف تقنية تتعلق بمصير الكتلة النقدية الموجودة خارج الحدود أو في المناطق التي لا تخضع لسيطرة الحكومة الانتقالية، والخشية من عمليات إعادة تدوير الأموال التي سيتم سحبها من التداول خلال فترة الاستبدال المقررة.

ويوضح الجدول التالي المواعيد والمؤشرات النقدية المرتبطة بهذه الخطوة:

الحدث / المؤشر الاقتصادي التفاصيل والمقاييس
موعد الإعلان الرسمي عن العملة الأحد (28 كانون الأول)
تاريخ بدء التداول الفعلي بداية العام الجديد
سعر الدولار في التعاملات التجارية 20,000 ليرة سورية
سعر الدولار في النشرة الرسمية 12,000 ليرة سورية

آثار استبدال الليرة السورية وحذف صفرين من العملة على المستثمرين والتجار

لا تقتصر المخاوف على الأفراد فقط، بل تمتد لتشمل مالكي الأسهم في سوق دمشق للأوراق المالية الذين يعيشون حالة من الارتباك بسبب غياب التعليمات الواضحة حول كيفية إعادة تسعير الأسهم بالعملة الجديدة؛ فضلاً عن مشكلة السيولة “المحبوسة” التي تمنعهم من سحب عوائد مبيعاتهم بقرارات سابقة من المركزي، وفي السياق ذاته، يبدي قطاع واسع من التجار قلقهم من مصير ودائعهم بالدولار المودعة في “المنصة” التي أنشأها النظام السابق، حيث لا يزال الوصول إليها متعذراً؛ مما يثير شكوكاً حول ضياع قيمتها الحقيقية في ظل التضخم المتوقع مرافقةً لعملية التغيير النقدي الوشيكة.

تتضمن استراتيجية استبدال الليرة السورية وحذف صفرين من العملة عدة رهانات حكومية ومخاطر اقتصادية يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

  • محاولة حكومية لإزالة الرموز السياسية السابقة المطبوعة على العملات المتداولة وتحديث الهوية البصرية لليرة.
  • رغبة السلطات في تبسيط الحسابات المالية والتعاملات اليومية بعيداً عن كثرة الأصفار التي تربك المحاسبة.
  • تخوف الخبراء من تحول حذف الأصفار إلى وقود لموجة غلاء جديدة بدلاً من أن يكون مجرد تعديل شكلي.
  • الغموض الذي يلف السياسات النقدية تجاه الأموال المجمدة في المنصات الحكومية والحسابات البنكية للمستثمرين.

تؤكد الحكومة الانتقالية أن حذف الأصفار يهدف لإعادة العملة لمكانها الطبيعي في حياة السوريين دون التأثير على قوتها الشرائية، غير أن المراقبين الاقتصاديين يحذرون من تداعيات تضخمية حتمية، فالمجتمع يترقب بحذر شديد كيف ستوازن الإدارة الجديدة بين رغبتها في التغيير الرمزي وبين الحفاظ على استقرار الأسعار وتجنب الانهيار المعيشي.