تراجع أسعار الذهب.. سياسة جني الأرباح تنهي موجة الارتفاعات القياسية للمعدن الأصفر

أسباب تراجع أسعار الذهب اليوم ومستقبل المعدن الأصفر مع نهاية العام هي المحور الأساسي الذي يشغل بال المستثمرين حالياً؛ خاصة بعد الهبوط الحاد الذي شهدته الأسواق في تعاملات مساء الإثنين 29 ديسمبر، حيث فقد المعدن النفيس بريقه مؤقتاً ليمحو جزءاً كبيراً من مكاسبه التاريخية المحققة سابقاً؛ مسجلاً تذبذباً واضحاً يعكس التغير السريع في قناعات المتداولين ورغبتهم في إنهاء السنة المالية بحصيلة نقدية مرتفعة.

أسباب تراجع أسعار الذهب اليوم عالمياً ومحلياً

شهدت السوق العالمية اضطراباً عنيفاً أدى إلى خسارة الأوقية أكثر من 203 دولارات في جلسة واحدة؛ لتنحدر من مستوى إغلاق الأسبوع الماضي البالغ 4533 دولاراً لتستقر عند 4328 دولاراً، وهذا الانهيار السعري لم يتوقف عند الشاشات العالمية بل امتد تأثيره المباشر إلى الأسواق المحلية؛ حيث سجل عيار 21 انخفاضاً بمقدار 250 جنيهاً عن سعر الافتتاح الصباحي، مما أثار موجة من التساؤلات حول طبيعة هذا الاتجاه وما إذا كان مجرد تصحيح عابر أم بداية لمسار هبوطي طويل المدى؛ خاصة أن هذا التحرك جاء بعد فترة طويلة من الصعود المستمر الذي تخطى كافة التوقعات الاقتصادية السابقة، ويمكن رصد أسعار البيع الحالية في الصاغة عبر الجدول التالي:

العوامل المؤثرة على أسباب تراجع أسعار الذهب اليوم

تتعدد الدوافع التي أدت إلى هذا الهبوط الاضطراري، ولكن يظل ضغط البيع بهدف جني الأرباح هو المحرك الرئيسي؛ إذ اندفع المتداولون والمؤسسات المالية الكبرى نحو تسييل مراكزهم الشرائية قبل إغلاق الدفاتر السنوية، وهو سلوك معتاد في الأسواق المالية حينما تلمس الأسعار قمماً تاريخية غير مسبوقة؛ مما يستوجب إجراء حركة تصحيحية تضمن توازن العرض والطلب؛ وبجانب ذلك برزت عدة عوامل تقنية واقتصادية ساهمت في تعميق الخسائر اللحظية للمعدن الأصفر ومن أبرزها:

• ارتفاع مؤشر الدولار الأمريكي الذي زاد من كلفة اقتناء الذهب لحاملي العملات الأجنبية الأخرى وقلل من جاذبيته الاستثمارية.
• تحول السيولة نحو العملة الخضراء كوعاء ادخاري بديل في ظل صعود عوائد السندات وتغير شهية المخاطرة لدى الصناديق السيادية.
• الهدوء النسبي في الملفات الجيوسياسية العالمية مما قلل الطلب على الذهب بصفته الملاذ الآمن التقليدي وقت الأزمات الكبرى.
• انخفاض مستويات السيولة العامة في الأسواق مع اقتراب عطلات نهاية العام مما يجعل التقلبات السعرية أكثر حدة وتأثيراً.
• وصول المؤشرات الفنية إلى مناطق “التشبع الشرائي” التي تفرض واقعاً بيعياً لإعادة اختبار مستويات دعم جديدة وأكثر استقراراً.

تحليل الخبراء حول أسباب تراجع أسعار الذهب اليوم

يرى المحللون في مؤسسة “ActivTrades” وفق ما نقلته وكالة “رويترز” أن ما يحدث حالياً هو استجابة طبيعية لوصول المعدن لمستويات قياسية؛ حيث يفضل المستثمرون تحويل الأرقام الدفترية إلى أرباح حقيقية قبل بدء العام الجديد، وهو ما يتفق مع الرؤية الفنية التي تؤكد أن أي صعود صاروخي دون توقف لابد أن يتبعه موجة من الهدوء لاستيعاب المراكز الجديدة؛ فالسوق الآن يمر بمرحلة إعادة ترتيب الأوراق وسط غياب المشترين الجدد أمام كثافة العروض البيعية، وهو ما ضخم من حركة الهبوط وجعلها تبدو كصدمة سعرية حادة للمتعاملين في قطاع التجزئة؛ والذين وجدوا أنفسهم أمام واقع جديد يفرض عليهم الانتظار لمراقبة نقطة الاستقرار التي سيتوقف عندها النزيف السعري الحالي تمهيداً لبناء مراكز شرائية لموسم الاستثمار القادم.

تسود حالة من الترقب الشديد في أروقة البورصات العالمية لمراقبة أسباب تراجع أسعار الذهب اليوم ومدى استمراريتها؛ فالارتباط العكسي بين قوة الدولار وضعف الذهب ما زال هو المحرك الأساسي للمشهد المالي الحالي؛ ومع تراجع التوترات يجد الذهب نفسه وحيداً في مواجهة عمليات جني أرباح وصفت بالعنيفة نظراً لضخامة الأحجام المتداولة وضيق الحيز الزمني لإغلاق المراكز المالية الدولية.