تراجع الأسعار العالمية.. الذهب يفقد بريقه بعد سلسلة مستويات قياسية تاريخية

تراجعت أسعار الذهب اليوم بشكل ملحوظ في الأسواق العالمية بعد سلسلة من الارتفاعات التاريخية التي جعلت المعدن الأصفر يتصدر المشهد الاقتصادي خلال الأيام الماضية؛ حيث شهدت التداولات الحالية نوعاً من التهدئة وسط ترقب المستثمرين لقرارات السياسة النقدية الأمريكية وضغوطات الدولار، مما أدى إلى عمليات جني أرباح واسعة في أعقاب الصعود القياسي المسجل نهاية الأسبوع المنصرم وتأثر عوائد السندات والتوترات الجيوسياسية.

أسباب تراجع أسعار الذهب اليوم في المعاملات الفورية والآجلة

يعود السبب الرئيسي وراء تراجع أسعار الذهب اليوم إلى استيعاب الأسواق لمجموعة من البيانات الاقتصادية والتطورات الجيوسياسية المتلاحقة، تزامناً مع صمود مؤشر الدولار الأمريكي الذي استقر عند مستوى 98.06 نقطة مقارنة بنحو 98.2 نقطة في إغلاق الجمعة؛ وهو ما دفع المستثمرين إلى البيع لجني المكاسب السريعة، خاصة مع انخفاض عوائد السندات وتوقعات خفض أسعار الفائدة من قبل البنك المركزي الأمريكي التي لا تزال تسيطر على توجهات المحافظ الاستثمارية الكبرى في العالم، مما جعل المعدن النفيس يتنفس قليلاً بعد رحلة صعود مرهقة للمشترين.

تأثرت العقود الآجلة للمعدن الأصفر بشكل واضح، حيث هبطت تسليمات فبراير بنسبة بلغت 1.8% لتستقر عند مستوى 4472.40 دولاراً للأوقية بعدما كانت قد أغلقت يوم الجمعة الماضي عند 4552.70 دولاراً؛ وفي الوقت نفسه سجل الذهب في المعاملات الفورية تراجعاً ملموساً ليصل إلى 4452.92 دولاراً للأوقية مبتعداً عن ذروته التاريخية التي بلغت 4550.11 دولاراً، وهذه التقلبات تعكس حساسية المعدن الثمين تجاه أي تغير في قوة العملة الأمريكية التي تقيس أداء الدولار مقابل سلة من العملات الرئيسية الأخرى في الأسواق الدولية والبورصات العالمية، والجدول التالي يوضح تفاصيل هذه الأرقام بدقة:

مقارنة أداء السوق وتذبذب تراجع أسعار الذهب اليوم زمنياً

على الرغم من هذا الهبوط اللحظي، فإن تراجع أسعار الذهب اليوم لا يلغي الحقيقة بأن المعدن لا يزال يحتفظ بمكاسب قوية على المدى الطويل؛ فإذا قارنا المستويات الحالية بما كانت عليه في الفترات السابقة نجد أن الذهب يرتفع بنسبة 0.10% عما كان عليه في الأسبوع الماضي، ويتفوق بنسبة 5.2% عن مستوياته في نفس التوقيت من الشهر الماضي، بل إن البيانات التاريخية تشير إلى قفزة جنونية في قيمة المعدن الأصفر وصلت إلى 145% خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مما يؤكد أن الاتجاه العام لا يزال صعودياً رغم التصحيحات السعرية المؤقتة التي نراها في جلسات التداول اليومية واللحظية.

تتأثر هذه التحركات بمجموعة من العوامل التي يراقبها المحللون والخبراء الماليون بدقة متناهية لضمان فهم اتجاهات السيولة العالمية، ومن أبرز هذه العوامل ما يلي:

• مدى قدرة الدولار الأمريكي على الصمود أمام سلة العملات العالمية الرئيسية.
• التصريحات الصادرة عن الفيدرالي الأمريكي بشأن مصير أسعار الفائدة في الاجتماعات المقبلة.
• حجم الإقبال على عمليات جني الأرباح بعد تسجيل مستويات قياسية تاريخية غير مسبوقة.
• تراجع عوائد السندات وتأثيرها المباشر على جاذبية الأصول التي لا تدر عائداً مثل الذهب.

تأثير السوق على المعادن الأخرى بجانب تراجع أسعار الذهب اليوم

لم يكن تراجع أسعار الذهب اليوم حالة معزولة في سوق المعادن النفيسة، بل امتدت التقلبات الحادة لتشمل الفضة والبلاتين اللذين شهدا تحركات سعرية واسعة النطاق؛ فقد هبط سعر الفضة بنسبة 3.9% ليصل إلى 74.19 دولاراً للأوقية بعد أن تراوح نطاق تداولها خلال الجلسة بين 73.52 و 82.62 دولاراً، وبالمثل شهد البلاتين تذبذباً كبيراً حيث تراوحت أسعاره بين 2267.30 و 2584.20 دولاراً للأوقية، مما يشير إلى حالة من عدم اليقين تسيطر على شهية المخاطرة لدى المتداولين في ظل الظروف الجيوسياسية الراهنة وضغوط التضخم العالمي التي تؤثر على كافة المعادن.

إن رصد تراجع أسعار الذهب اليوم يوضح كيف أن الأسواق تمر بمرحلة إعادة تقييم شاملة للمراكز المالية، حيث يوازن المستثمرون بين الذهب كملاذ آمن وبين قوة الدولار الأمريكي كبديل استثماري منافس؛ ليبقى المعدن الأصفر رغم هبوطه الحالي فوق القمم التي سجلها العام الماضي بكل أريحية وثبات.