هبوط مفاجئ.. أسعار الذهب تتراجع عن مستوياتها القياسية في تعاملات الصاغة اليومية

تراجعت أسعار الذهب اليوم العالمية عن القمم التاريخية التي لامستها خلال تعاملات نهاية الأسبوع الماضي، حيث شهدت الأسواق حالة من الترقب والحذر تزامناً مع استيعاب المستثمرين لآخر المستجدات على الساحة الجيوسياسية المشتعلة؛ وبدأت ضغوط البيع تظهر بوضوح نتيجة عمليات جني الأرباح المكثفة التي نفذها المتداولون بهدف تأمين مكاسبهم السريعة، خاصة مع استمرار تماسك مؤشر الدولار الأمريكي أمام سلة العملات الرئيسية وتزايد التكهنات حول مسار خفض أسعار الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي في الاجتماعات المقبلة وتأثير ذلك المباشر على جاذبية المعدن الأصفر كملاذ آمن للتحوط من التضخم.

عوامل تراجعت أسعار الذهب اليوم وتأثير مؤشر الدولار

تأثرت حركة التداولات بشكل مباشر بتحركات الأسواق المالية وتوقعات السياسة النقدية، إذ إن تراجعت أسعار الذهب اليوم جاء مدفوعاً بانخفاض عوائد السندات الحكومية الأمريكية، الأمر الذي عادة ما يدعم الذهب، إلا أن صمود العملة الأمريكية حال دون استمرار الصعود القياسي؛ حيث سجل مؤشر الدولار الذي يقيس أداء العملة أمام ست عملات عالمية مستوى 98.06 نقطة مقارنة بنحو 98.2 نقطة بنهاية تداولات الجمعة الماضية، وهذا التباين في الأداء يعكس حالة الانقسام في رؤية المستثمرين للمستقبل الاقتصادي القريب، إضافة إلى أن استيعاب التطورات السياسية العالمية دفع البعض إلى إعادة توزيع محافظهم الاستثمارية والتقليل من حصص المعدن النفيس بعد الارتفاعات المذهلة التي حققها مؤخراً، مما جعل السوق يشهد موجة تصحيحية كانت متوقعة لدى قطاع واسع من المحللين الفنيين الذين يراقبون مستويات الدعم والمقاومة بدقة متناهية.

أداء العقود الآجلة والفورية وتحليل السوق بعد أن تراجعت أسعار الذهب اليوم

شهدت شاشات التداول انخفاضاً ملحوظاً في قيمة الأصول الذهبية سواء في السوق الفوري أو أسواق المشتقات، فعند النظر إلى العقود الآجلة للذهب تسليم فبراير نجدها استقرت عند 4472.40 دولاراً للأوقية مسجلة هبوطاً نسبته 1.8% عن إغلاق الجمعة الذي كان عند 4552.70 دولاراً، وتجدر الإشارة إلى أن الأسعار كانت قد بلغت مستوى غير مسبوق في تاريخ البورصات العالمية حين وصلت إلى 4584 دولاراً للأوقية؛ وعلى الصعيد ذاته لم تكن العقود الفورية بمنأى عن هذا الهبوط، فقد تراجعت عن ذروتها التاريخية البالغة 4550.11 دولاراً لتجري التداولات الحالية حول مستويات 4452.92 دولاراً للأوقية، ومع ذلك تظل الأرقام تعكس قوة الذهب على المدى الطويل، حيث لا تزال الأسعار مرتفعة بنسبة طفيفة بلغت 0.10% مقارنة بالأسبوع الماضي، وبزيادة قوية تصل إلى 5.2% مقارنة بالشهر نفسه من العام المنصرم، وهو ما يؤكد أن الاتجاه العام الصاعد لا يزال قائماً رغم الهزات الحالية.

تقلبات المعادن النفيسة في ظل موجة تراجعت أسعار الذهب اليوم

لم تقتصر حركة الهبوط والتقلبات على المعدن الأصفر وحده، بل امتدت لتشمل كافة المعادن الثمينة الأخرى التي شهدت تداولات حادة وجنونية خلال الجلسات الأخيرة، حيث يمكن تلخيص أبرز تلك التحركات فيما يلي:

• أسعار الفضة سجلت تراجعاً حاداً بنسبة 3.9% لتستقر عند 74.19 دولاراً للأوقية بعد أن تأرجحت في نطاق واسع بين 73.52 و82.62 دولاراً، مما يعكس حساسية الفضة العالية للطلبات الصناعية والاستثمارية.
• أسعار البلاتين واصلت تقلباتها الكبيرة ولعبت دوراً في رسم صورة المشهد الاستثماري الحالي، إذ تراوحت أسعاره خلال تداولات اليوم بين مستويين متباعدين هما 2267.30 و2584.20 دولاراً للأوقية.
• المعدن الأصفر سجل ارتفاعاً استثنائياً وتاريخياً بلغت نسبته الإجمالية 145% خلال الثلاث سنوات الماضية، وهو ما يفسر رغبة المستثمرين في جني الأرباح عند هذه المستويات المرتفعة جداً.

إن مراقبة أداء الأسواق تؤكد أن ما نراه من تراجعت أسعار الذهب اليوم هو جزء من دورة اقتصادية طبيعية تتبع الارتفاعات الحادة، فالمعدن النفيس يبقى مخزناً للقيمة رغم التقلبات اليومية التي تفرضها عوائد السندات وقوة الدولار؛ وتظل النظرة المستقبلية مرتبطة بمدى استقرار الأوضاع السياسية وقرارات البنوك المركزية الكبرى التي ستحدد وجهة السيولة العالمية في المرحلة القادمة بشكل حاسم ومباشر.