احتجاجات طهران.. تدهور قيمة التومان الإيراني أمام الدولار يثير غضب الشارع

احتجاجات سوق طهران بسبب انهيار العملة الإيرانية تحولت إلى مشهد يومي يتصدر الواجهة في الساحة المحلية والدولية، حيث اندلعت موجة واسعة من التظاهرات داخل العاصمة طهران يوم الأحد الموافق الثامن والعشرين من شهر ديسمبر الجاري، بمشاركة مكثفة من أصحاب المحال التجارية والمواطنين الذين ضاقوا ذرعاً بالارتفاع الجنوني والمستمر في أسعار العملات الأجنبية مقابل التومان، وما تبعه من حالة ركود قاسية ضربت مفاصل السوق وحاولت شل الحركة التجارية تماماً في المراكز الحيوية، الأمر الذي دفع المحتجين للتجمع في نقاط استراتيجية والهتاف ضد السياسات الاقتصادية الراهنة.

احتجاجات سوق طهران بسبب انهيار العملة الإيرانية ومناطق التصعيد

التوسع السريع الذي شهدته رقعة التظاهرات يظهر مدى الاحتقان الذي خلفته احتجاجات سوق طهران بسبب انهيار العملة الإيرانية، إذ تركزت التجمعات الغاضبة بشكل أساسي في شارع جمهوري الذي يعد شريان الاقتصاد في العاصمة، بالإضافة إلى سوق الحديد بمنطقة شوش ومجمع علاء الدين التجاري الشهير للهواتف المحمولة؛ وهناك رددت الحشود الغاضبة شعارات قوية تدعو إلى التكاتف الاجتماعي تحت شعار “لا تخافوا، نحن جميعاً معاً”، في محاولة لكسر حاجز الخوف وتوحيد صفوف التجار والمواطنين المتضررين من الغلاء، حيث يرى المراقبون أن هذه الوحدة هي الرد المباشر على التحديات المعيشية الصعبة التي تسببت فيها فجوة العملة وتآكل القدرة الشرائية.

لقد انعكست هذه الحالة من الغضب على وتيرة العمل في المراكز التجارية الكبرى التي توقفت عن العمل استجابة لنداء الاحتجاج، ويمكن تلخيص أبرز معالم الإضراب والتوقف في النقاط التالية:

• إغلاق كامل للمحال التجارية الكبرى في منطقة سراي الحدادين داخل السوق الكبير، تعبيراً عن رفض الحالة الاقتصادية.
• توقف الأنشطة التجارية والمهنية بصورة شبه تامة في حي چراغ‌برق، الذي يعد مركزاً حيوياً آخر في العاصمة.
• انتقال شرارة الاحتجاج من قطاع تجاري إلى آخر نتيجة التقارب الجغرافي والمصلحي بين التجار في بؤر التوتر.

أسباب استمرار احتجاجات سوق طهران بسبب انهيار العملة الإيرانية

إن المحرك الأساسي وراء تصاعد احتجاجات سوق طهران بسبب انهيار العملة الإيرانية يكمن في التراجع التاريخي والدراماتيكي الذي أصاب الريال مقابل العملات الصعبة خلال الأسابيع القليلة الماضية، فنحن أمام واقع اقتصادي مؤلم وصل فيه سعر الدولار في سوق الصرف الحرة إلى مستويات قياسية بلغت 144 ألف تومان، مع استمرار التقلبات السعرية المربكة التي تحدث لحظة بلحظة وتمنع التجار من البيع أو تحديد الأسعار بصورة مستقرة؛ وهذا الانهيار لم يكن مفاجئاً بل هو محصلة لتراكمات اقتصادية وهيكلية أدت إلى فقدان الثقة في السياسات المالية المتبعة، مما جعل الأسواق تعيش حالة من الشلل التام بانتظار حلول جذرية لم تظهر ملامحها بعد.

ولفهم أبعاد الأزمة المالية التي أدت لهذه الانفجارات الشعبية، لا بد من استعراض البيانات الاقتصادية التي ترسم صورة واضحة للوضع الراهن:

السياسات الحكومية وتأثيرها على احتجاجات سوق طهران بسبب انهيار العملة الإيرانية

تعتبر الجوانب الإدارية والمالية للدولة هي المسؤول الأول عن اشتعال فتيل احتجاجات سوق طهران بسبب انهيار العملة الإيرانية، حيث يُعزى القفز الهائل في أسعار الذهب والعملات إلى العجز المالي المزمن الذي تعاني منه الموازنة الحكومية، رافقه نقص حاد ومستمر في تدفقات العملة الأجنبية إلى الداخل، فضلاً عن ارتفاع معدلات التضخم التي تخطت حاجز 52% في قطاع السلع التموينية الضرورية؛ وبدلاً من طرح حلول تحفيزية، قدمت الحكومة الإيرانية مشروع موازنة العام 1405 بوصفها موازنة انكماشية بامتياز، تزيد من الضغوط على جيوب المواطنين وأصحاب الأعمال الصغار والمتوسطين.

وتتداخل العوامل السياسية مع الاقتصادية لتزيد من حدة الأزمة، إذ يرى كثيرون أن استمرار الفساد الإداري والسياسات الإقليمية المكلفة، بالإضافة إلى البرنامج النووي وما يتبعه من عقوبات وعزلة، قد ساهم بشكل مباشر في تفاقم الأزمات المعيشية وتعميق ركود السوق؛ إن هذه التعقيدات وضعت التاجر الطهراني بين مطرقة الضرائب والموازنة الانكماشية وسندان الانهيار النقدي، مما يجعل احتجاجات سوق طهران بسبب انهيار العملة الإيرانية رد فعل طبيعي على سياسات لا تلبي الاحتياجات الأساسية للمجتمع في ظل هذه الظروف الصعبة والتقلبات المستمرة.