قفزة تاريخية.. سعر الفضة يتجاوز حاجز 80 دولاراً وسط طلب عالمي متزايد

توقعات أسعار الفضة ومستقبل تداول المعدن الأبيض في الأسواق العالمية تشغل بال المستثمرين حالياً بعد القفزة التاريخية التي دفعت السعر لتجاوز حاجز 80 دولاراً للأونصة، حيث سجل السوق صعوداً متسارعاً بنهاية العام مدعوماً بمضاربات كثيفة واختلالات عميقة في ميزان العرض والطلب؛ مما جعل الكثيرين يراقبون تحركات المعدن الأبيض الذي ارتفع بنحو 6% يوم الإثنين في جلسة اتسمت بالتقلب الشديد، إذ لامست الأسعار مستوى 84 دولاراً قبل أن تدخل في موجة تصحيح سريعة ومن ثم تعاود الانعطاف نحو الأعلى مرة أخرى مستفيدة من تراجع مؤشر الدولار واشتعال التوترات الجيوسياسية التي زادت من بريق المعادن النفيسة.

محركات توقعات أسعار الفضة ومشتريات البنوك المركزية

تأتي المكاسب المتلاحقة لتتوج مساراً صاعداً استمر عاماً كاملاً، حيث ساهمت مشتريات البنوك المركزية وزيادة تدفقات السيولة نحو الصناديق المتداولة في البورصة في رسم ملامح توقعات أسعار الفضة الإيجابية، خاصة مع قيام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بتخفيض أسعار الفائدة لثلاث مرات متتالية؛ وهو الأمر الذي قلل من تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالمعادن التي لا تدر عائداً ثابتاً، وبينما يراهن المتداولون على استمرار هذا النهج النقدي التوسعي وصولاً إلى عام 2026، تظل الضغوط التضخمية وضعف العملة الأمريكية عوامل جوهرية تدفع المستثمرين للبحث عن الملاذات الآمنة، لاسيما وأن مؤشر “بلومبرغ” للدولار سجل مؤخراً أكبر تراجع أسبوعي له منذ أشهر بنسبة بلغت 0.8%؛ مما وفر وقوداً إضافياً لرحلة صعود الفضة والذهب والبلاتين نحو مستويات غير مسبوقة تاريخياً.

المعدن النفيس أعلى سعر مسجل (للأونصة) نسبة التغير اليومي
الفضة الفورية 84.01 دولار +1.2%
الذهب 4549.92 دولار -0.4%
البلاديوم مستويات قياسية -6.0%

أزمة العرض وتأثيرها على توقعات أسعار الفضة المستقبلية

يرى المحللون أن ما نشهده اليوم قد يكون بداية فقاعة تاريخية نتيجة نقص المعروض المادي، حيث تختلف سوق الفضة عن الذهب بكونها أقل عمقاً وتتأثر سريعاً بجفاف السيولة، فبينما تمتلك لندن مخزونات هائلة من الذهب لدعم السوق وقت الأزمات، تعاني الفضة من اختناقات هيكلية حادة بدأت تظهر ملامحها منذ أكتوبر الماضي؛ وهذا أدى إلى سباق محموم للحصول على المعدن الفعلي لدرجة أن المشترين مستعدون لدفع علاوة سعرية تصل إلى 7% مقابل التسليم الفوري، كما تراجعت المخزونات في بورصة شنغهاي بالصين إلى أدنى مستوياتها منذ نحو عقد من الزمان، بالتزامن مع ترقب التحقيقات الأمريكية حول واردات المعادن الحيوية ومدى تأثيرها على الأمن القومي؛ وهو ما قد يسفر عن فرض رسوم جمركية تعيد تشكيل خارطة التجارة العالمية وتدعم توقعات أسعار الفضة نحو مزيد من الارتفاع نتيجة القلق من سلاسل الإمداد.

الاستخدامات الصناعية والمؤشرات الفنية في سوق الفضة

لا تقتصر أهمية الفضة على كونها أداة استثمارية، بل تعد ركيزة أساسية في التحول الرقمي والطاقة الخضراء من خلال الاستخدامات التالية:

  • تصنيع الألواح الشمسية عالية الكفاءة التي تعتمد على الموصلية الفائقة للفضة.
  • بناء وتطوير مراكز بيانات الذكاء الاصطناعي التي تتطلب كميات ضخمة من المعادن الدقيقة.
  • الصناعات الإلكترونية المتقدمة وتطبيقات السيارات الكهربائية الحديثة.

وقد لفتت هذه الأهمية انتباه إيلون ماسك الذي حذر من مخاطر نقص الإمدادات الصناعية، وبينما تشير المؤشرات الفنية مثل مؤشر القوة النسبية (RSI) الذي تجاوز مستوى 80 إلى حالة تشبع شرائي قد تستدعي الحذر من تقلبات مفاجئة، يبقى العجز الهيكلي بين العرض المحدود والطلب الصناعي المتزايد هو المحرك الأقوى الذي يحدد مسار توقعات أسعار الفضة في المدى البعيد.