رقم تاريخي جديد.. أسعار الفضة تتجاوز حاجز 80 دولارًا في المعاملات الفورية العالمية

توقعات أسعار الفضة والذهب في الأسواق العالمية تشير إلى تحولات جذرية ومفاجئة، حيث قفزت أسعار المعدن الأبيض لمستويات تاريخية غير مسبوقة متجاوزة حاجز الثمانين دولاراً للأونصة، وذلك نتيجة تضافر عوامل جيوسياسية واقتصادية معقدة أدت لزيادة الطلب الصناعي والاستثماري بشكل متسارع، بينما شهد الذهب تحركات متباينة بين الاستقرار النسبي في العقود الآجلة والتراجع الطفيف في المعاملات الفورية بعد قمم قياسية.

تحليل أسباب ارتفاع توقعات أسعار الفضة والذهب

شهدت الأسواق العالمية طفرة سعرية كبيرة حيث تخطى سعر الفضة حاجز 80 دولاراً للأونصة (الأوقية) مدعوماً بموجة طلب قوية نابعة من القطاعين الصناعي والاستثماري على حد سواء؛ إذ تلعب الفضة دوراً محورياً في الصناعات التكنولوجية المتطورة، والواقع أن انخفاض المخزونات العالمية وتصنيف الفضة ضمن قائمة المعادن الأميركية الحرجة ساهم في اشتعال الأسعار، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية المتصاعدة التي تدفع المستثمرين للبحث عن ملاذات آمنة، كما أن التوقعات القوية بشأن قيام البنك المركزي الأميركي بخفض إضافي لأسعار الفائدة عززت من جاذبية المعادن النفيسة التي لا تدر عائداً ثابتاً، مما جعل توقعات أسعار الفضة والذهب تتصدر اهتمامات المحللين الماليين والباحثين عن فرص ربحية في ظل تقلبات العملات وصراع القوى الاقتصادية الكبرى، وقد انعكس هذا الزخم بوضوح في ارتفاع الفضة بالمعاملات الفورية بنسبة 3.8 بالمئة لتصل إلى 82.15 دولار للأونصة؛ بعد أن بلغت أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 83.62 دولار في وقت سابق من التداولات الحالية.

أداء الذهب والمعادن النفيسة مقابل توقعات أسعار الفضة والذهب

بالتوازي مع قفزات الفضة، سجل الذهب تراجعاً طفيفاً بنسبة 0.1 بالمئة في المعاملات الفورية ليصل إلى 4527.79 دولار للأونصة بحلول الساعة 11:52 بتوقيت جرينتش يوم الأحد، وهذا التراجع جاء كخطوة تصحيحية طبيعية بعد أن سجل المعدن الأصفر مستوى قياسياً جديداً بلغ 4549.71 دولار في الجلسة السابقة؛ مما يعكس حالة الترقب الشديدة التي تخيم على الأسواق العالمية وتؤثر بشكل مباشر على توقعات أسعار الفضة والذهب، وفي الوقت ذاته أظهرت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم فبراير استقراراً ملحوظاً عند مستوى 4553.10 دولار للأونصة، مما يبرز الثقة الطويلة الأمد في الذهب كأداة تحوط أساسية ضد التضخم والمخاطر المالية، بينما بقيت الأسواق تراقب بشغف حركة العرض والطلب الفيزيائي التي تتحكم في مستويات الأسعار الحالية والمستقبيلة.

العوامل المحركة لزيادة توقعات أسعار الفضة والذهب

تحققت مكاسب الفضة المذهلة التي بلغت 181 بالمئة منذ بداية العام الجاري نتيجة تداخل عدة مسارات استراتيجية، حيث أدت محدودية المعروض العالمي وتناقص المخزونات المتاحة للتداول الفوري إلى ضغوط شرائية هائلة ساهمت في تعزيز الجدوى الاقتصادية وضخ السيولة نحو توقعات أسعار الفضة والذهب، ويمكن تلخيص الدوافع الرئيسية لهذه التحركات السعرية في النقاط التالية:

• الطلب الصناعي المتزايد وخاصة في تقنيات الطاقة المتجددة وصناعة الألواح الشمسية والسيارات الكهربائية.
• الطلب الاستثماري المكثف من قبل الأفراد والمؤسسات كبديل نقدي قوي في مواجهة تقلبات الأسواق المالية.
• إدراج الفضة ضمن المعادن الاستراتيجية والحرجة في السياسات الأميركية الجديدة لتأمين سلاسل الإمداد.
• تأثير السياسة النقدية الأميركية واحتمالات خفض الفائدة التي تضعف الدولار وترفع قيمة المعادن.
• الانعكاسات المباشرة للتوترات الجيوسياسية العالمية التي تزيد من شهية المخاطرة نحو الأصول الملموسة.

ولم تقتصر هذه التحركات على الذهب والفضة فقط، بل شملت معادن أخرى تأثرت بنفس المناخ الاقتصادي المتقلب، حيث انخفض البلاتين في المعاملات الفورية بنسبة 0.8 بالمئة ليصل إلى 2429.10 دولار بعد تجديد قمته التاريخية عند 2478.50 دولار، وهو ما يوضح أن توقعات أسعار الفضة والذهب تسير ضمن منظومة متكاملة من حركة السلع العالمية، وفي مقابل هذا التراجع للبلاتين استطاع البلاديوم تحقيق ارتفاع طفيف بنسبة 0.1 بالمئة مسجلاً 2003.83 دولار للأوقية، وتعتبر هذه الإحصائيات الرقمية مؤشراً حيوياً للمستثمرين الراغبين في توزيع محافظهم الاستثمارية بين المعادن والعملات بناءً على قراءات دقيقة لاتجاهات السوق والتحولات السياسية الدولية التي تعيد رسم ملامح الاقتصاد العالمي وتدفع بالمعادن الأساسية نحو مستويات سعرية لم تكن متوقعة في السابق.