بديل العملة المحلية.. بلغاريا تحدد موعد اعتماد اليورو وشرط السيطرة على التضخم

تأثير انضمام بلغاريا إلى منطقة اليورو يمثل العلامة الفارقة في المسار الاقتصادي لدولة صوفيا التي استعدت بكل ثقلها لتكون العضو رقم 21 في هذا التكتل المالي الموحد؛ إذ تنتظر البلاد تفعيل هذا القرار رسمياً يوم الخميس المقبل لإنهاء حقبة طويلة من الارتباط النقدي غير المباشر باليورو، وتأمل الحكومة البلغارية أن يسهم هذا التغيير الجذري في تحقيق معدلات نمو مستدام وتجاوز العقبات المالية التي عانت منها أفقر دول الاتحاد الأوروبي لسنوات طويلاً.

المكاسب المنتظرة من تأثير انضمام بلغاريا إلى منطقة اليورو

يؤكد الكثير من المحللين والمراقبين داخل صوفيا أن التحول الكامل نحو العملة الأوروبية سيعمل على تدعيم البناء الاقتصادي للدولة بشكل غير مسبوق؛ فهذه الخطوة ستعزز من قدرة الاقتصاد المحلي على مقاومة التدخلات الخارجية خاصة النفوذ الروسي المتغلغل في المنطقة، ويرى “جورجي أنجيلوف” كبير الاقتصاديين في معهد المجتمع المفتوح أن انخراط بلغاريا في مجلس صناع القرار النقدي ببروكسل سيمنحها السيادة المالية التي افتقدتها لعقود؛ حيث كانت السياسة النقدية للدولة مرتبطة بشكل كلي بقرارات البنك المركزي الأوروبي دون أن يكون لها صوت مسموع أو تأثير مباشر، وذلك منذ أن تم ربط عملة “الليف” بالمارك الألماني ثم اليورو لاحقاً، وهو ما جعل التحول الرسمي ضرورة ملحة لتحرير الإمكانات الاقتصادية الكامنة وتطوير القطاعات الإنتاجية المختلفة وتوفير بيئة استثمارية أكثر أماناً وشفافية أمام رؤوس الأموال العالمية التي تبحث عن الاستقرار المالي.

المؤشر الاقتصادي المستهدف القيمة أو التأثير المتوقع
توفير رسوم صرف العملات للشركات نحو 500 مليون يورو سنوياً
نسبة مساهمة السياحة المتوقعة 8% من الناتج المحلي الإجمالي
أقصى تأثير تضخمي متوقع (قصير الأجل) بين 0.2% و 0.4% فقط
عدد سكان بلغاريا المتأثرين بالقرار 6.4 ملايين نسمة تقريباً

التحديات المجتمعية وحسابات تأثير انضمام بلغاريا إلى منطقة اليورو

رغم بريق المكاسب الاقتصادية إلا أن هنالك عاصفة من التحديات السياسية التي تخيم على المشهد العام في بلغاريا حالياً؛ حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن ما يقارب 49% من المواطنين لديهم مخاوف عميقة من خسارة “الليف” لصالح العملة الموحدة، وتخشى فئات واسعة في القرى والمناطق الريفية مثل منطقة “تشوبريني” من تآكل القوة الشرائية، وهي الهواجس التي تعبر عنها بائعات مثل بيليانا نيكولوفا نتيجة قصص متداولة عن ارتفاع الأسعار في دول أوروبية أخرى، وقد استغلت التيارات اليمينية والأحزاب القريبة من موسكو حالة القلق الشعبي هذه لتأجيج الاحتجاجات في وقت تمر فيه البلاد بحالة من عدم الاستقرار السياسي؛ إذ سقطت الحكومة الائتلافية وتتزايد الاحتمالات بالتوجه نحو انتخابات برلمانية ثامنة خلال فترة زمنية وجيزة لا تتعدى الخمسة أعوام، وهو ما يضع ضغوطاً متزايدة على صانع القرار في التوفيق بين الالتزامات الدولية والمطالب الشعبية الداخلية وتوفير الضمانات اللازمة لحماية الطبقات الفقيرة من أي تقلبات سعرية مفاجئة قد تطرأ خلال مرحلة الانتقال النقدي.

  • تحقيق استقرار الأسعار وخفض تكاليف التمويل الدولية للمشاريع القومية الكبرى.
  • دمج القطاع المصرفي البلغاري بالكامل في آليات الرقابة الأوروبية الموحدة لضمان الشفافية.
  • تسهيل حركة التبادل التجاري عبر إلغاء عوائق تصريف العملة الوطنية وخفض تكاليف الاستيراد.
  • تعزيز جاذبية بلغاريا كوجهة سياحية رائدة ومنافسة على ساحل البحر الأسود.

رؤية الخبراء في مستقبل تأثير انضمام بلغاريا إلى منطقة اليورو

تبذل كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي جهوداً حثيثة لطمأنة الشارع البلغاري بأن الانضمام سيجلب منافع تفوق بمراحل أي اضطرابات مؤقتة أو طفيفة؛ حيث تستشهد دائماً بالنموذج الكرواتي الناجح الذي بدأ في عام 2023 وأكد على أن اليورو يوفر شبكة أمان اجتماعي ومالي قوية، وبالرغم من أن الذكريات الأليمة للتضخم المفرط في حقبة التسعينات ما تزال تراود الأجيال الكبيرة في صوفيا، إلا أن المعطيات والضمانات الفنية التي قدمها الاتحاد الأوروبي تشير إلى أن الزيادات السعرية ستكون محدودة للغاية ولن تؤثر على المسار العام، وهو ما يمهد الطريق أمام بلغاريا لتجاوز مرحلة التشكيك وبناء اقتصاد عصري يخرجها من نفق الفقر ويجعلها قوة مؤثرة في منطقة البلقان؛ إذ إن الاندماج الكامل في النادي النقدي سيعيد صياغة الهوية المالية للدولة ويمنحها زخماً قوياً للنمو والازدهار في السنوات المقبلة.