تحذيرات في السودان.. تأثيرات زيادة سعر الدولار الجمركي على الأسواق المحلية

رفع سعر الدولار الجمركي في السودان هو القرار الأحدث الذي اتخذته هيئة الجمارك السودانية لمواجهة التحولات الاقتصادية العميقة التي تمر بها البلاد، حيث أعلنت السلطات رسمياً عن تحريك السعر من 2486 جنيهاً ليصل إلى 2827 جنيهاً سودانياً، وهي زيادة تبلغ نسبتها 13.7% ضمن خطة تهدف إلى تقليص الفجوة بين أسعار الصرف الرسمية والموازية وتوريد مبالغ أكبر للخزينة العامة.

أسباب رفع سعر الدولار الجمركي في السودان وتأثيراته الرسمية

تؤكد هيئة الجمارك السودانية أن الخطوة المتعلقة بمسألة رفع سعر الدولار الجمركي في السودان تندرج تحت بند المواءمة الضرورية بين السياسات الجمركية والواقع المالي المتغير، إذ تسعى الدولة من خلال هذا التعديل إلى تنظيم عمليات الاستيراد التي استنزفت العملات الصعبة؛ وفي المقابل تهدف الحكومة إلى زيادة الإيرادات العامة التي تضررت بشكل كبير نتيجة الأوضاع السياسية والأمنية الراهنة، حيث تعتبر هذه التعديلات جزءاً من سلسلة طويلة من الإجراءات التي تهدف إلى ضبط الميزان التجاري السوداني المترنح في ظل أزمة سيولة حادة وتقلبات عنيفة في قيمة الجنيه مقابل العملات الأجنبية؛ وهو ما يجعل القرار محاولة حكومية لفرض سلطتها المالية على حركة السلع الداخلة عبر المنافذ الحدودية والجوية المختلفة وتوفير غطاء مالي لالتزامات الدولة تجاه الخدمات الأساسية والرواتب.

مخاوف من انعكاس رفع سعر الدولار الجمركي في السودان على الأسواق

يسود القلق والترقب في الأوساط التجارية السودانية عقب إعلان رفع سعر الدولار الجمركي في السودان لما له من آثار فورية على تكاليف الاستيراد التي يتحملها الموردون، حيث يرجح الخبراء أن تنعكس هذه الزيادة في شكل ارتفاعات جنونية لأسعار السلع الاستهلاكية والمواد الخام في الأسواق المحلية؛ الأمر الذي يزيد الضغط على المواطن الذي يعاني أصلاً من ضعف مستويات الدخل وتدهور القوة الشرائية، فوفقاً لتقارير صحفية صادرة عن موقع “المشهد” السوداني، فإن حالة الترقب هذه تشمل كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية التي تعتمد على مدخلات مستوردة، مما يرفع من معدلات التضخم التي وصلت إلى مستويات قياسية تاريخية؛ وهذا الارتباط المباشر يهدد استقرار الأسواق ويدفع التجار إلى تخزين السلع أو رفع أسعارها بشكل استباقي لتجنب الخسائر المالية الناتجة عن تغيير كلفة الرسوم الرسمية عند الموانئ.

تحذيرات من تداعيات رفع سعر الدولار الجمركي في السودان الاقتصادية

ينتقد الخبير المصرفي وليد دليل بشدة وتيرة رفع سعر الدولار الجمركي في السودان المتسارعة، مشيراً إلى أن الجهات المسؤولة لم تراعِ الظروف القاسية التي خلفها الصراع المسلح منذ أبريل 2023؛ والذي دمر القواعد الإنتاجية وعطل مسارات التصدير والواردات الحيوية، وأوضح “دليل” أن هذه السياسة ستؤدي حتماً إلى سلسلة من النتائج السلبية التي تشمل ما يلي:

• تحفيز معدلات التضخم نتيجة الزيادة الإجبارية في الرسوم والضرائب الملحقة بالجمارك.
• تعميق حالة الكساد التجاري بسبب عجز المستهلكين عن ملاحقة أسعار السلع الجديدة.
• تآكل رؤوس أموال المستثمرين المحليين لعدم قدرتهم على سداد الفروقات الجمركية المفاجئة.
• تراجع فعلي في الإيرادات الكلية للدولة نتيجة توقف العمليات الاستيرادية أو تعثرها.

ويرى مراقبون أن رفع سعر الدولار الجمركي في السودان قد يأتي بنتائج عكسية، فبدلاً من زيادة الحصيلة الجمركية، قد تجد الدولة نفسها أمام عجز في الجباية بسبب تجميد النشاط الاقتصادي وتوقف الكثير من رجال الأعمال عن العمل؛ إضافة إلى أن غياب البنية التحتية والإنتاجية يجعل الاعتماد على الاستيراد قدراً لا يمكن الفرار منه بالرسوم المرتفعة فحسب، بل يتطلب رؤية شاملة تعيد بناء الاقتصاد من الجذور بدلاً من الحلول النقدية المؤقتة التي تنهك القطاع الخاص.

يمثل قرار رفع سعر الدولار الجمركي في السودان تحدياً حقيقياً للاستقرار المعيشي والنشاط العملي، حيث تظل التوقعات تشير إلى موجة غلاء جديدة قد تعصف بما تبقى من آمال التعافي الاقتصادي القريب في ظل الحرب.