ملاذات آمنة.. تزايد الطلب العالمي على الذهب والفضة مع استمرار تقلبات الأسواق الدولية

توقعات أسعار الذهب والفضة هي الشاغل الأكبر للمستثمرين في الوقت الراهن؛ حيث سجل المعدن الأصفر مستويات قياسية غير مسبوقة خلال تداولات الأسبوع الماضي ملامساً حاجز 4550 دولاراً للأونصة قبل أن يستقر عند 4531 دولاراً، ويأتي هذا الارتفاع التاريخي مدفوعاً بتصاعد وتيرة التوترات الجيوسياسية العالمية والرهانات المتزايدة على توجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لخفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب.

أسباب استمرار ارتفاع توقعات أسعار الذهب والفضة

أكد تقرير حديث صادر عن شركة “دار السبائك” الكويتية أن الاندفاع نحو الذهب والفضة يعكس رغبة المستثمرين الجادة في التحوط من المخاطر وتنويع محافظهم المالية؛ ففي ظل بيئة عالمية يكتنفها عدم اليقين تبرز أهمية الإدارة الحذرة للأصول، خاصة مع استمرار التداعيات المرتبطة بفرض العقوبات الأمريكية على شحنات النفط الفنزويلية والنزاع القائم بين روسيا وأوكرانيا الذي يلقي بظلاله الثقيلة على الأسواق المالية العالمية؛ مما يرفع درجة القلق ويدعم اللجوء إلى المعادن النفيسة كمخابئ آمنة للأموال بعيداً عن تقلبات العملات والأسهم التي تتأثر بالصراعات الدولية والقرارات السياسية المباغتة.

ولتوضيح العوامل الاقتصادية التي تعزز توقعات أسعار الذهب والفضة، نجد أن تراجع معدلات التضخم وتحسن بيانات سوق العمل الأمريكي فتح الباب أمام الأسواق للمراهنة على خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية مرتين خلال العام المقبل؛ وعلى الرغم من وجود حالة انقسام واضحة بين صانعي السياسة النقدية في البنك المركزي الأمريكي حول الخطوات القادمة، إلا أن هذه التقديرات ساهمت بقوة في دفع أسعار المعادن إلى أرقام تاريخية، حيث أن انخفاض الفائدة يقلل من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة المعدن الذي لا يدر عائداً ثابتاً، مما يجعله أكثر جاذبية للبنوك المركزية وصناديق الاستثمار الكبرى التي ضخت سيولة ضخمة في السوق مؤخراً.

التحليل الفني ومستقبل توقعات أسعار الذهب والفضة

بناءً على التقرير الاقتصادي المتخصص، فإن القفزة التي حققها الذهب بتجاوزه مكاسب بنسبة 70% منذ مطلع العام تعد الأكبر من نوعها منذ عام 1979، بينما أظهرت الفضة أداءً مذهلاً بمكاسب تخطت 170% بعد تجاوزها عقبات الرسوم الجمركية والحروب التجارية؛ وتستند هذه القوة السعرية للفضة إلى عدة ركائز استراتيجية تشمل:

• الطلب المتزايد في قطاع الطاقة النظيفة خاصة الخلايا الشمسية.
• الاحتياجات المتنامية في البنية التحتية التكنولوجية وتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
• التدفقات النقدية المستمرة نحو صناديق المؤشرات المتداولة المدعومة بالمعادن.
• عمليات الشراء المكثفة والمتواصلة من قبل المصارف المركزية العالمية لتعزيز احتياطاتها.

ويشير التحليل الفني إلى أن توقعات أسعار الذهب والفضة لا تزال إيجابية على المدى الطويل رغم تحذيرات بعض المؤسسات المالية من بلوغ الأسعار مستويات تشبع شرائي قد تستوجب الحذر؛ فبينما يرى فريق من المحللين أن حركة الأسواق الحالية هي دورة ازدهار طبيعية قد يتبعها نوع من الانكماش أو التصحيح السعري في منتصف العام المقبل، يؤكد خبراء “دار السبائك” أن المؤشرات الفنية لا تزال ترجح استمرارية المسار الصاعد، مع وجود مستويات دعم قوية تمثل نقاط ارتكاز يمكن الاعتماد عليها في بناء مراكز شرائية جديدة في حال حدوث أي تراجع مؤقت، مما يضمن بقاء الزخم الصعودي قائماً في ظل الطلب الصناعي والاستثماري النشط.

تأثير التداولات العالمية على أسعار المعادن في السوق المحلي

انعكست القفزات العالمية المسجلة في توقعات أسعار الذهب والفضة بشكل مباشر على الأسواق المحلية في دولة الكويت، حيث شهدت الأسعار ارتفاعاً ملحوظاً تأثراً بما يدور في البورصات الدولية من تسعير للأحداث السياسية والاقتصادية؛ ويوضح الجدول التالي مستويات الأسعار التي تم رصدها وفقاً للبيانات الأخيرة:

إن متابعة توقعات أسعار الذهب والفضة تتطلب مراقبة دقيقة للسياسات التجارية والرسوم الجمركية التي قد تؤثر على حركة المعادن بين الدول؛ وقد أثبتت التجربة الحالية أن الفضة استطاعت العودة بقوة للساحة بعد فترة تذبذب، مدعومة بالطلب الصناعي في قطاعات الطاقة المتجددة، وهو ما يتلاقى مع رغبة المستثمرين الأفراد في حماية مدخراتهم من التضخم العالمي ومن تداعيات الحظر الأمريكي على شحنات النفط وتهديدات سلاسل الإمداد التي تزيد من تكلفة الإنتاج والسلع الأساسية.

تظل توقعات أسعار الذهب والفضة مرتبطة بشكل وثيق بمدى استمرارية التوترات الجيوسياسية والقرارات النهائية للفيدرالي الأمريكي بشأن تكلفة الاقتراض؛ فالمشهد الحالي يبرهن على أن المعادن النفيسة لا تزال ملكة الساحة الاستثمارية بأدائها المتفوق وقدرتها على تحقيق مكاسب استثنائية في أصعب الأوقات الاقتصادية التي يمر بها العالم اليوم.