توقعات الخبراء.. هل تتراجع أسعار الغذاء العالمية بعد موجة التضخم في 2026؟

توقعات أسعار الغذاء في الاقتصادات المتقدمة تشير إلى تحولات جذرية مرتقبة خلال الفترة القادمة، حيث كشفت مؤسسة كابيتال إيكونوميكس في مذكرة بحثية حديثة عن احتمالات قوية لتراجع حدة الضغوط السعرية في معظم الدول الكبرى بحلول العام المقبل؛ ومع تباين المشهد بين اليابان وأوروبا وأمريكا، يترقب المحللون كيف ستنعكس تقلبات العمالة والمناخ على المائدة العالمية وميزانيات الأسر التي عانت من موجات تضخمية متلاحقة.

أسباب تباين توقعات أسعار الغذاء في الاقتصادات المتقدمة

إن الارتفاع الذي شهدته الأسواق مؤخرًا يعود بصورة مباشرة إلى القفزات التي سجلتها أسعار السلع الزراعية العالمية في فترات سابقة، إذ تستغرق هذه الزيادات المادية وقتًا طويلاً حتى تظهر نتائجها في أسعار التجزئة للمستهلك النهائي؛ وقد رصد الخبراء ارتفاعات حادة في سلع استراتيجية مثل لحوم البقر والقهوة نتيجة اضطرابات مناخية قاسية أدت إلى تراجع تاريخي في أعداد قطعان الماشية وتدهور إنتاجية المحاصيل، ما جعل توقعات أسعار الغذاء في الاقتصادات المتقدمة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بظروف العرض والطلب المحلية والعالمية على حد سواء؛ ففي اليابان مثلاً تسبب ضعف حصاد الأرز في أزمة سعرية، بينما أدى الجفاف في مناطق البراري الكندية إلى غلاء فاحش طال اللحوم والخضروات الطازجة، وهو ما يعكس صعوبة التنبؤ بمسار الأسواق في ظل التغيرات البيئية المستمرة؛ ولتوضيح التفاوت في نسب التضخم الغذائي بين الدول خلال شهر نوفمبر، يمكن النظر إلى هذه البيانات:

الدولة أو المنطقة نسبة التضخم الغذائي المساهمة في التضخم الإجمالي
اليابان 6% 60%
المملكة المتحدة 4.2% 20%
كندا 4.2% 30%
الولايات المتحدة 2.6% مستوى معتدل
منطقة اليورو 2.4% مستوى مستقر

أزمة العمالة وتأثيرها على توقعات أسعار الغذاء في الاقتصادات المتقدمة

تدخل تكاليف اليد العاملة كعنصر حاسم في رسم ملامح توقعات أسعار الغذاء في الاقتصادات المتقدمة، حيث تعاني المملكة المتحدة واليابان من نقص حاد في العمالة المتخصصة بقطاع الأغذية ما دفع الأجور للارتفاع بمعدلات قياسية؛ ففي بريطانيا لا تزال الوظائف الشاغرة في المصانع الغذائية في تزايد مستمر رغم هدوء القطاعات الأخرى، بينما تعيش الشركات اليابانية أصعب فترات العثور على موظفين منذ ثلاثة عقود؛ كما أن السياسات النقدية والقرارات الحكومية زادت من تعقيد المشهد، ويمكن تلخيص أبرز الضغوط في النقاط التالية:

  • الزيادة التاريخية في الحد الأدنى للأجور باليابان والتي تعد الأكبر منذ أربعين عامًا.
  • اضطرار شركات الغذاء البريطانية لرفع أسعارها لمواجهة زيادة مساهمات التأمين الوطني.
  • ارتباط توقعات التضخم لدى الأسر بسلوك الشراء المتكرر للغذاء مما يرفع القلق لدى صانعي السياسة.
  • استقرار أسعار منتجي الأغذية في أغلب المناطق باستثناء الدول التي تعاني من أزمات هيكلية.

المشهد المستقبلي ورؤية 2026 لمسار الأسواق العالمية

تظل توقعات أسعار الغذاء في الاقتصادات المتقدمة تحمل في طياتها بعض التفاؤل الحذر لمعظم دول العالم، باستثناء كندا التي يتوقع الخبراء أن تظل أسعار المنتجات فيها مرتفعة لفترة أطول نتيجة تراكم آثار الجفاف وتعافي تكاليف الإنتاج بشكل متسارع؛ ومع ذلك فإن الخبر الإيجابي يكمن في احتمال وصول التضخم الغذائي إلى ذروته في أغلب المناطق، بدعم من تراجع أسعار سلع مثل السكر والكاكاو، وقرارات إعفاء مئات المنتجات الزراعية من الرسوم الجمركية التي ستساهم في تخفيف العبء عن المستهلكين؛ ومن المرجح أن يستقر التضخم الغذائي عند مستويات 2% في أغلب هذه الدول بحلول نهاية عام 2026، بينما قد يستقر بالقرب من 4% في السوق الكندية التي ستظل المصدر الرئيسي للضغوط التضخمية هناك؛ وبناءً على هذه المعطيات، فإن قدرة البنوك المركزية على السيطرة على الأسعار ستعتمد بشكل كبير على مدى استقرار أسواق العمل العالمية وهدوء الأزمات الجيوسياسية التي تؤثر على سلاسل الإمداد الدولية خلال الأشهر القليلة القادمة.

وتشير التقارير الاقتصادية المرتبطة بهذا الشأن إلى موضوعات ذات صلة ومنها ارتفاع أسعار الفضة في مصر وما يرتبط بها من قوانين أمريكية، بالإضافة إلى قائمة أضعف العملات عالميًا لعام 2025، وأيضًا قرارات روسيا بتمديد حظر الصادرات النفطية للحفاظ على استقرار الأسواق المحلية؛ فكل هذه العوامل تتشابك لتشكل في النهاية بوصلة توقعات أسعار الغذاء في الاقتصادات المتقدمة خلال العامين القادمين.